الحسكة: غياب مراكز الامتحان يدفع طلاب البكالوريا إلى السفر والمجهول

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

تواجه آلاف العائلات في محافظة الحسكة أزمة متفاقمة مع اقتراب موعد امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي (التاسع والبكالوريا)، في ظل غياب تام للمراكز الامتحانية داخل المحافظة، الأمر الذي اضطر العديد من الطلاب إلى السفر إلى محافظات بعيدة مثل حلب ودير الزور لتقديم امتحاناتهم، ما يشكل عبئًا نفسيًا وماديًا كبيرًا عليهم وعلى أسرهم.

رحلة التعليم تتحول إلى معاناة

الطالبة آية، وهي طالبة بكالوريا من مدينة القامشلي، تحدثت لمراسل “سوريا 24” في الحسكة عن الظروف القاسية التي تواجهها في رحلتها نحو التعليم، قائلة: “الظروف التي نعيشها صعبة للغاية في ظل غياب مراكز امتحانية داخل المحافظة. اضطررت للسفر إلى مدينة حلب لتسجيل وتقديم امتحاناتي هناك، وهذا ليس أمرًا سهلًا على الإطلاق”.

وتضيف آية أن مجرد السفر هو بحد ذاته تحدٍّ، إذ يستغرق وقتًا طويلًا ويُعرّض الطلاب للخطر بسبب ظروف الطريق، إلى جانب حالة القلق المستمرة التي ترافقهم، لا سيما الفتيات. “أحتاج لتأمين مكان آمن للنوم والطعام والدراسة، وهذا يشتت تركيزي عن الهدف الأساسي وهو التحضير الجيد للامتحانات”، تقول آية، قبل أن تشير إلى أن هذه المعاناة ليست حكرًا عليها فقط.

وتتابع: “كنت أستعد لتقديم الامتحان مع شقيقتي هذا العام، لكنها اضطرت للتوقف بسبب التكاليف الكبيرة. وضعنا المادي لا يسمح بتحمّل مصاريف السفر، الإقامة، والطعام، ناهيك عن مصاريف التسجيل والدروس الخصوصية”. وتختم بالقول: “نحن لا نطلب شيئًا كبيرًا، فقط أن نتمكن من تقديم امتحاناتنا داخل مدينتنا مثل باقي الطلاب في سوريا”.

اتفاق غير مكتمل وتعثر المفاوضات يفاقم الأزمة

في السياق ذاته، صرّح ريناس فتاح، عضو لجنة الامتحانات في هيئة التربية التابعة للإدارة الذاتية، لمراسل “سوريا 24” أن اجتماعًا جرى مؤخرًا بين وفد من هيئة التربية في الإدارة الذاتية ووزارة التربية السورية، تم خلاله الاتفاق على السماح للطلاب الأحرار والنظاميين في مناطق سيطرة قوات قسد بتقديم امتحاناتهم في مناطقهم، على أن تُشرف لجنة ثلاثية مكونة من وزارة التربية السورية، وهيئة التربية في الإدارة الذاتية، ومنظمة اليونيسيف على سير الامتحانات.

وأوضح فتاح أنه حتى الآن لم يتم تحديد أي مراكز امتحانية داخل مناطق الإدارة الذاتية، رغم أن يوم غد هو آخر موعد لتسجيل الطلاب، مع بقاء أقل من شهر على بدء الامتحانات. وأشار إلى أنه تم تسجيل نحو 700 طالب وطالبة لتقديم الامتحانات وفق منهاج وزارة التربية السورية.

وأضاف: “في حال لم تصدر الحكومة السورية توضيحًا رسميًا بخصوص فتح مراكز امتحانية في الحسكة، فإن الإدارة الذاتية ستقوم بإنشاء مراكز امتحانية لطلاب المنهاج السوري ضمن مناطقها، وستقوم بصياغة الأسئلة محليًا، حرصًا على ضمان حق الطلاب في التعليم وعدم اضطرارهم إلى مغادرة مناطقهم”.

وسبق وأن صرح مصدر مطلع على المفاوضات من الحكومة السورية لمنصة “سوريا 24” أن تعثر هذه المفاوضات حول قضية سد تشرين، أثر بشكل مباشر على تشكيل اللجان المشتركة، بما في ذلك لجنة التربية. وقد انعكس هذا التعثر في المفاوضات بشكل واضح على القرارات المتعلقة بالامتحانات في مناطق الإدارة الذاتية.

قرار رسمي يثير استياء واسعًا

وكانت وزارة التربية السورية قد أصدرت في وقت سابق قرارًا يقضي بعدم فتح مراكز امتحانية داخل محافظة الحسكة لهذا العام الدراسي، مستثنية بذلك طلاب مناطق الإدارة الذاتية من التقديم في مدنهم، ومطالبة إياهم بالتوجه إلى محافظات أخرى كدير الزور، حلب أو دمشق.

هذا القرار أثار موجة من الاستياء بين أهالي الطلاب، الذين اعتبروا أنه يكرّس التمييز بين الطلاب السوريين، ويحرم شريحة واسعة من حقهم في التعليم، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات معيشية متعددة.

وطالب الأهالي الجهات المعنية، سواء في الحكومة السورية أو في الإدارة الذاتية، بإيجاد حل فوري وعادل يضمن حق أبنائهم في تقديم الامتحانات ضمن مناطقهم، دون أن يُضطروا لتحمل عناء السفر والمخاطرة بمستقبلهم بسبب قرارات إدارية.

وبين ضبابية الموقف الرسمي وضغط الوقت واقتراب موعد الامتحانات، يقف الطلاب أمام مصير غامض، في انتظار ما إذا كانت الجهات المعنية ستتخذ خطوات عملية لتخفيف معاناتهم، أم أنهم سيواجهون عامهم الدراسي تحت ثقل السفر والتشتت والخوف من المجهول.

مقالات ذات صلة