ريف إدلب الجنوبي: عودة محفوفة بالخطر.. الأفاعي تلاحق العائدين

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

في ريف إدلب الجنوبي، حيث عاد بعض الأهالي إلى بلداتهم التي كانت تحت سيطرة النظام السوري، يواجه السكان خطر الأفاعي المنتشرة في المنازل المهجورة والحقول، إذ لم تكن آثار الحرب وحدها هي من تلاحق الناس، بل أيضًا وجدت الكائنات السامة في مناطقهم المدمرة بيئة مثالية للتكاثر والانتشار.

عودة محفوفة بالمخاطر

مع تحرير سوريا، عاد العديد من السكان إلى بيوتهم المدمرة جزئيًا أو كليًا، في محاولة لاستعادة شيء من حياتهم السابقة. لكن العودة لم تكن كما تخيلوها. يقول عبد الله الطويل، أحد أبناء بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي، إن الركام الذي خلّفه القصف والتدمير الممنهج، خاصة بفعل أعمال التخريب التي طالت البنية التحتية ونهب الأسقف والكابلات، أصبح مأوى للزواحف السامة.

عبد الله، ناشط إعلامي سوري، وثّق خلال جولته الأخيرة إلى بلدات الريف حجم الكارثة التي تهدد حياة السكان، خاصة الأطفال والنساء. يقول لمنصة سوريا 24:

“بحكم عملي في توثيق انتهاكات نظام الأسد، زرت كفرنبل ومعرة حرمة مؤخرًا، وصُدمت من حجم انتشار الأفاعي، التي باتت تظهر يوميًا في أحياء مأهولة، وغالبًا ما تُقتل بأدوات بدائية”.

البنية التحتية المدمرة: البيئة المثالية للزواحف

وأوضح الطويل أن عمليات النهب والتخريب التي جرت على يد مجموعات مدنية جندها ضباط النظام، تسببت في تفريغ المنازل من حديدها وأسلاكها، وتركها عرضة للانهيار، ما خلق أكوامًا من الحطام وبيئة رطبة وجوفية مناسبة تمامًا لتكاثر الأفاعي والعقارب، خصوصًا في منطقة جبلية مليئة بالمغارات والحفر.

ويضيف: “في المركز الصحي شاهدت الأهالي يحيطون بأفعى ضخمة تمكنوا من قتلها بأدوات الزراعة، وقال لي السكان إن لا وجود لأي مضادات أو وسائل حماية فعالة من هذه الأخطار حتى الآن”.

قصص من الرعب اليومي

ورغم المخاطر، فإن خيار العودة كان حتميًا لدى كثير من الأهالي. كما روى الطويل قصة رجل التقاه في المنطقة، عاد ليزور قبر ابنه الذي قضى في معارك عام 2019:

“قال لي بالحرف: أحلاهما مر. رجعت حتى زور قبر ابني اللي استشهد في معركة حيش، والموت عندي صار أهون من القعدة في مخيمات الشمال”.

هذه الشهادة تلخص حجم المأساة، حيث يضطر السكان للاختيار بين النزوح القسري في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وبين العودة إلى مناطق مدمرة مليئة بالأخطار.

قلق دائم في عيون الأمهات

وسط هذا الواقع، تعيش الأمهات حالة من الخوف والقلق المستمر على حياة أطفالهن، إذ بات اللعب خارج المنزل أو حتى داخله مغامرة محفوفة بالمخاطر. تقول ربيعة، إحدى الأمهات العائدات إلى بلدة كفرنبل: “ما عاد نقدر نترك أولادنا يركضوا أو يلعبوا برا، كل يوم منسمع عن أفعى طلعت من بين الركام أو من حفرة قريبة، وأنا كل دقيقة بخاف يصير شي لابني الصغير”. وتضيف: “لا في شبك للنوافذ، ولا في أدوية بالمراكز الصحية، ونحنا عايشين على أعصابنا، ما بنام الليل من كتر التفكير”.

هذا الخوف المشروع يعكس حجم المعاناة اليومية التي تعيشها الأمهات، في ظل غياب أي دعم وقائي أو طبي لمواجهة هذا الخطر الداهم.

دعوات للتحرك العاجل

في ظل هذا الواقع، يطالب السكان الجهات الإنسانية والمنظمات المختصة بالتحرك العاجل لرشّ المناطق بالمبيدات، وتقديم الأمصال المضادة للدغات الأفاعي، إضافة إلى حملات توعية، خاصة أن الأطفال هم الأكثر عرضة لهذا الخطر. إذ تبقى معاناة السوريين العائدين إلى قراهم بعد سنوات من النزوح شاهدة على فصول متعددة من الألم، لم يكن آخرها الحرب، بل ما خلفته من ركام ووحوش صامتة تختبئ فيه.

مقالات ذات صلة