تحت رمال بادية دير الزور الشاسعة وفي حقول قراها وبلداتها، يتربص موت صامت بأكثر من 300 ألف لغم أرضي، زرعتها قوات النظام السابق والميليشيات الإيرانية المتحالفة معها خلال سنوات الصراع، وفقاً لتقديرات فرق إزالة الألغام المحلية.
ورغم الجهود المضنية، لم يتمكن المتطوعون من تحديد وإزالة سوى حوالي 13 ألف لغم، تاركين مساحات شاسعة من الأراضي بمثابة حقول موت تهدد حياة السكان بشكل يومي، وتعيق عودة الحياة إلى طبيعتها.
وتنتشر هذه الألغام في مناطق واسعة من محافظة دير الزور، شرق سوريا، ولا تفرق بين منطقة وأخرى.
فمن بلدات المريعية ومحكان والبوكمال، إلى مناطق البادية مثل البشري كباجب والشولا، وصولاً إلى القرى السبع الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهي الحسينية، الصالحية، حطلة، مراط، مظلوم، خشام، والطابية، بالإضافة إلى بادية القورية والمياذين، كلها مناطق موبوءة بهذه الأسلحة الفتاكة.
ويصف صبحي الحمود، وهو متطوع في أحد فرق إزالة الألغام، الوضع بالكارثي.
يقول الحمود في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “أكبر مشكلة نواجهها اليوم هي إزالة الألغام في دير الزور التي زرعها النظام السابق والميليشيات الإيرانية والروس، يومياً نشاهد الحوادث والمآسي لسكان محافظة دير الزور وريفها، وخاصة في البادية، وحسب الإحصائيات والخرائط الموجودة، يوجد ما يقارب 300 ألف لغم منتشرة في القرى والبلدات والبادية، لم يتم إزالة سوى 13,000 منها”.
ويضيف الحمود: “نناشد جميع المنظمات الدولية برفع العقوبات عن سوريا، حيث لم يتم إدخال المعدات والتقنيات اللازمة لإزالة الألغام، نحتاج الآن إلى السرعة القصوى، والفريق الفني يحتاج إلى الكاسحات والمعدات الفنية ومعدات السلامة الشخصية (السيفتي)، ونناشد منظمة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS) مرة أخرى بتلبية كافة متطلبات العمل”.
من جانبه، يسلط عدنان عبيد العلي، عنصر في فريق إزالة الألغام بالفرقة 66، الضوء على النقص الحاد في الإمكانيات الأساسية.
يقول العلي في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “نحن نعاني من عدة أمور، وهي نقص في أدوات الكشف، وهي كاشفات الألغام، والكاسحات، وبدلات الوقاية للعناصر، لا يوجد لدينا قدرة قوية لشراء هذه المعدات، ولا يوجد لدينا الفرق الصحية المرافقة، وهو أمر حيوي في عملنا الخطير”.
إن وجود هذا الكم الهائل من الألغام له تداعيات وخيمة على حياة المدنيين، فالأطفال هم الأكثر عرضة للخطر أثناء لعبهم، والمزارعون والرعاة يواجهون الموت يومياً أثناء سعيهم لكسب رزقهم في أراضيهم التي تحولت إلى مصائد.
كما تعيق الألغام عودة النازحين إلى قراهم، وتمنع استصلاح الأراضي الزراعية، وتزيد من الأعباء الاقتصادية على مجتمع منهك أصلاً من سنوات الحرب.