أثار قرار نقل مواقف انطلاق عدد من خطوط النقل الجماعي في العاصمة دمشق من جسر الحرية إلى كراج الوزان موجة واسعة من التذمر والاستياء في أوساط السائقين والمواطنين، لا سيما القادمين من ضاحية الفردوس ووادي بردى وجمرايا والديماس.
وبينما تبرر الجهات الرسمية الخطوة بأنها تهدف إلى تخفيف الازدحام المروري، يشير أصحاب العلاقة إلى أن القرار ألقى بعبء إضافي على كاهل فئات واسعة من السكان.
من نقطة مركزية إلى موقع معزول
لسنوات، شكّل جسر الحرية نقطة انطلاق حيوية لمعظم خطوط الضواحي المتجهة إلى قلب العاصمة، بحكم قربه من الجامعات والمراكز الحكومية والسوق التجاري. ومع نقل الخطوط إلى كراج الوزان، الواقع عند أطراف الربوة، تغير المشهد تمامًا.
يوضح أبو سامر، سائق يعمل على خط ضاحية الفردوس، أن الرحلات تراجعت من مشوارين يوميًا إلى رحلة واحدة بالكاد تغطي تكاليف الوقود، موضحًا لمنصة سوريا 24 أن حركة الركاب باتت شبه معدومة.
ويضيف: “كنا نحمّل السرفيس خلال دقائق تحت جسر الحرية، أما الآن ننتظر ساعتين ليتعبأ. الركاب لم يعودوا يأتون إلى هنا”.
تراجع عدد الركاب وغياب الجدوى الاقتصادية
يشير محمد دوماني، سائق آخر على نفس الخط، إلى أن القرار أدى إلى فقدان قاعدة الركاب الأساسية المتمثلة بالطلاب والموظفين، نظرًا لبُعد كراج الوزان عن مراكز عملهم ودراستهم.
ويؤكد لمنصة سوريا 24 أن السائقين تقدّموا بشكاوى عديدة إلى محافظة دمشق وفرع المرور، مطالبين بإعادة الخط إلى مساره الأصلي، دون الحصول على أي استجابة.
كما يصف نقل نقطة الانطلاق من منطقة مركزية إلى موقع ناءٍ بأنه “كارثة تشغيلية واقتصادية”، خاصة في ظل الارتفاع المتواصل في أسعار قطع الغيار والمحروقات.
ركّاب محاصرون بين الغلاء والتعب
من جهة الركاب، يشتكي العديد من الطلاب والموظفين من ازدياد تكاليف التنقل اليومية، وصعوبة الوصول إلى وجهاتهم في الوقت المناسب.
تقول أمينة، طالبة جامعية من سكان ضاحية الفردوس لمنصة سوريا 24، إنها تضطر لاستخدام ثلاث وسائل نقل يوميًا للوصول إلى كليتها: من الضاحية إلى كراج الوزان، ثم إلى جسر الرئيس، ثم إلى الجامعة.
و تضيف: “أدفع ما لا يقل عن 28 ألف ليرة يوميًا، وهذا غير منطقي على الإطلاق براتب طالب أو موظف”، وأتمنى إيجاد حلول سريعة.
القرار الرسمي يحقق هدفًا مروريًا ويتجاهل العبء الاجتماعي
في الوقت الذي تشير فيه مصادر محلية إلى أن حركة السير شهدت تحسنًا نسبيًا في محور جسر فكتوريا – جسر الحرية خلال ساعات الذروة، تؤكد شهادات السائقين والركاب أن هذا التحسن تم على حساب الخدمة العامة، التي أصبحت مرهقة وغير فعّالة بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين.
مطالب بإعادة النظر وترتيب الأولويات
يطالب سائقو خطوط الضواحي بإعادة دراسة القرار، وإيجاد حلول وسط تضمن سيولة الحركة المرورية من جهة، وتعيد التوازن إلى الخدمة المقدّمة من جهة أخرى. من بين المقترحات التي يتداولها السائقون تخصيص عدد من السرافيس لنقل الركاب مباشرة إلى منطقة جسر الرئيس أو على الأقل إلى مزارع كيوان، وتوفير دعم جزئي للمحروقات أو إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء التشغيلية.
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، يبدو أن الحلول التنظيمية التي لا تراعي الواقع الاجتماعي قد تفاقم الأزمات بدل أن تعالجها. وإلى حين التراجع عن قرار النقل أو إيجاد بدائل حقيقية، سيبقى كراج الوزان رمزًا لمعاناة يومية يواجهها آلاف السوريين في صمت.