بدأ خلال الأيام القليلة الماضية موسم حصاد الشعير في معظم المناطق المزروعة بنظام الري في محافظة الرقة، وسط تفاوت في نسب الإنتاج بين منطقة وأخرى، حيث أظهرت المؤشرات الأولية انخفاضًا ملحوظًا في كمية المحصول مقارنة بالعام الماضي. ويأتي هذا التراجع في سياق التحديات المناخية والاقتصادية التي تواجهها الزراعة في المنطقة.
ويُعد الشعير ثاني أهم المحاصيل الشتوية في الرقة بعد القمح، نظرًا للطلب الكبير عليه من قبل مربي المواشي، الذين يعتمدون عليه كمصدر رئيسي لغذاء الحيوانات، لا سيما في ظل توسع تربية الأغنام والأبقار في الريف الرقاوي.
تراجع الإنتاجية بسبب الظروف المناخية
وفي تصريح خاص لمنصة سوريا 24، قال المزارع عبود الحسين، 34 عامًا، من سكان قرية تل السمن في ريف الرقة الشمالي:
“شهدت إنتاجية الشعير هذا العام انخفاضًا كبيرًا، حيث تراوحت كمية الإنتاج للهكتار الواحد بين 10 و13 كيسًا فقط، في حين تجاوزت 30 كيسًا في الموسم الماضي. نُرجع هذا الانخفاض إلى الحالة المناخية السيئة وقلة الأمطار خلال فصل الشتاء، مما أثّر بشكل مباشر على المحصول”.
وأشار الحسين إلى أن تقلبات الطقس هذا الموسم، وعدم توفر دعم زراعي حقيقي للمزارعين، ساهما في تفاقم الوضع، ما جعل الكثير من الفلاحين في حيرة من أمرهم حول الاستمرار في زراعة الشعير في المواسم القادمة.
اعتماد طرق الحصاد اليدوي وارتفاع أسعار الشعير
من جهته، أوضح المزارع طلال العبيد، 45 عامًا، من قرية حزيمة شمال الرقة، في تصريح لسوريا 24، أن عددًا كبيرًا من مزارعي الشعير في المنطقة اضطروا إلى الاعتماد على طريقة الحصاد اليدوي هذا العام، المعروفة محليًا بطريقة “البيادر”، والتي تقوم على جمع المحصول يدويًا على شكل تلال، تمهيدًا لحصاده لاحقًا من أجل الاحتفاظ بالتبن إلى جانب الشعير.
وأضاف العبيد: “اعتمدت الحصاد اليدوي لأنني بحاجة لتوفير التبن لأغنامي خلال فصل الشتاء. ارتفاع الأسعار هذا العام جعلنا نُغير أولوياتنا. بلغ سعر الطن الواحد من الشعير حوالي 380 دولارًا، بينما لم يتجاوز 150 دولارًا في نفس الفترة من العام الماضي، وهذا ما دفع مربي الماشية لتخزين كميات كبيرة من المحصول تحسبًا لزيادات إضافية في الأسعار لاحقًا”.
تراجع المساحات المزروعة نتيجة غياب الدعم
شهدت زراعة الشعير في الرقة تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، ويُعزى ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها عدم التزام الإدارة الذاتية بشراء المحصول من الفلاحين، إضافة إلى تدني أسعاره في السوق المحلية، واحتكار بعض التجار لتسويقه بأسعار لا تغطي حتى التكاليف الأساسية للإنتاج. هذا الواقع دفع العديد من المزارعين إلى التوقف عن زراعته، واقتصرت زراعته في بعض المناطق على مربي المواشي الذين يعتمدون عليه كمصدر رئيسي لعلف المواشي.
ومع استمرار هذه التحديات، يطالب الفلاحون بضرورة تدخل الجهات المعنية لتوفير دعم فعلي لزراعة الشعير، عبر ضمان تسويق عادل للمحصول، وتحسين أنظمة الري، وتقديم المستلزمات الزراعية بأسعار مدعومة، حفاظًا على هذا المحصول الحيوي من التراجع أو الاختفاء.