في مؤتمر صحفي نُظم عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، حذر مدير إدارة الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، الدكتور ألطاف موساني، من الوضع الإنساني المتردي في سوريا، وسط استمرار تداعيات الحرب وآثارها المدمرة على السكان المدنيين، خاصة النساء والأطفال.
وقال موساني، حسب ما نقل موقع الأمم المتحدة، إنه بعد زيارة ميدانية قام بها إلى المناطق المتضررة في سوريا، بات أكثر إدراكًا للخطر الداهم الذي تمثله الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب التي ما زالت منتشرة في الأراضي الزراعية والمدن والقرى، مما يؤدي إلى خسائر بشرية يومية.
وأشار إلى تسجيل ما لا يقل عن 909 إصابات جراء انفجار ذخائر غير منفجرة منذ بداية العام الجاري، بما في ذلك نحو 400 حالة وفاة وأكثر من 500 إصابة.
ولفت إلى أن غالبية الضحايا هم من النساء والأطفال، الذين “يسعون فقط للبقاء على قيد الحياة، ويحاولون جمع الطعام أو الحصول على الماء أو العودة إلى ديارهم”، دون أن يكون لديهم أي علم بأماكن تواجد هذه الذخائر.
وإلى جانب الخطر المادي المباشر الناتج عن الذخائر، حذر موساني من انتشار وباء الكوليرا في بعض المناطق السورية، خاصة في محافظتي اللاذقية وحلب، حيث سُجلت 1444 حالة إصابة بالمرض، مرتبطة بسبع وفيات حتى الآن.
وأكد أن انتشار المرض في مخيمات النازحين يمثل خطرًا كبيرًا جدًا، وقال: “نعلم أنه عندما تنتشر الكوليرا في المخيمات، فإنها قد تصبح بمثابة حريق غابات، مما يزيد من معدلات الاعتلال والوفيات”.
وأضاف أن الاستجابة الفورية ضرورية، لكنها تواجه تحديات كبيرة بسبب نقص التمويل وغياب البنية التحتية الصحية المناسبة.
كما كشف موساني عن أرقام مأساوية تتعلق بسوء التغذية بين الأطفال في شمال غرب سوريا، مشيرًا إلى أن نحو 50% من الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم (المعروف طبيًا باسم الهزال) لا يتلقون العلاج اللازم.
وشدد على أهمية رصد الحالات مبكرًا والتدخل السريع لإنقاذ حياتهم، قائلًا: “من منظور الصحة العامة، علينا أن نكون قادرين على رصد هذا الخطر والتحرك فورًا لإنقاذ هؤلاء الأطفال”.
وفي تطور آخر يعكس تدهور الخدمات الصحية، أفاد موساني بأن 50% من مستشفيات الولادة في شمال غرب سوريا توقفت عن العمل، وذلك نتيجة تخفيضات تمويل عالمية بدأت تظهر تأثيراتها بشكل واضح في سوريا.
ووصف هذا الوضع بأنه “كارثة إنسانية جديدة”، لأنه يحرم آلاف النساء الحوامل من الرعاية الصحية الأساسية خلال فترة الولادة، مما يزيد من خطر الوفاة لكل من الأم والطفل.
ووجه موساني نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي للتحرك السريع وتوفير الدعم اللازم لمواجهة الأزمات المتعددة في سوريا، من تنظيف الأراضي من الذخائر، إلى تعزيز برامج التطعيم ومكافحة الأوبئة، ودعم المرافق الصحية، خاصة تلك التي تخدم النساء والأطفال.