تشهد مدينة الحجر الأسود في ريف دمشق عودة تدريجية للسكان بعد سنوات من التهجير، إلا أن العائدين يصطدمون بواقع مأساوي عنوانه الدمار الشامل وغياب مقومات الحياة الأساسية، في وقت تتعثر فيه جهود إعادة الإعمار وسط غموض يلف مستقبل المنطقة.
رئيس المجلس المحلي في المدينة، أبو بكر بركات، كشف في حديث خاص لمنصة سوريا 24 أن المدينة تعرضت لعملية تدمير ممنهجة أفرغتها من سكانها، مؤكداً أن ما يزيد على 80% من البنية التحتية دمر بالكامل، ما جعلها غير صالحة للسكن. وأوضح أن عدد العائلات التي سُمح لها بالعودة كان محدوداً في البداية، حيث بلغت الموافقات الأمنية نحو 500 فقط قبل سنوات، ليصل العدد اليوم إلى نحو 4000 عائلة.
يقول بركات إن أبرز التحديات التي تواجه البلدية حالياً هي مسألة الردم، مشيراً إلى أن حجم الأنقاض في الشوارع وحدها يُقدّر بمليون ونصف مليون متر مكعب، وهي كمية تفوق قدرة أي بلدية أو حتى محافظة على التعامل معها دون تدخل من وزارة أو جهة دولية. وأضاف: “رغم الوعود الأخيرة من المحافظة بإرسال آليات وبدء التنظيف عبر منظمة دولية، لم نحصل على جدول زمني واضح للتنفيذ”.
الواقع من داخل المدينة: شهادات حية
علاء الحمد، أحد سكان الحجر الأسود، وصف الوضع بالكارثي، مشيراً إلى أن “الناس تعيش بين الركام، وكل عائلة تحاول على نفقتها ترميم بيتها، أو تنصب خيمة فوق الأنقاض”. وأكد أن المدينة تفتقر تماماً إلى شبكات الاتصال، “ولا توجد تغطية للهاتف المحمول، ما يجعل التواصل بين الناس شبه مستحيل”، لافتاً إلى أنه حاول التواصل مع عدة شركات اتصالات دون أي استجابة حتى الآن.
مشكلات متعددة وصعوبات يومية
من جهتها، الصحفية آلاء محمد، وهي من أبناء المنطقة، أكدت أن المدينة تعيش على هامش الحياة، حيث لا مياه شرب ولا كهرباء حكومية، ولا صرف صحي صالح. وقالت إن قلة من الأهالي يعتمدون على الطاقة الشمسية رغم تكاليفها الباهظة، في حين أن كثيراً من الأسر لا تستطيع تركيبها. كما أشارت إلى أن مرضى المدينة يُضطرون إلى الخروج منها بحثاً عن الإسعافات الأولية لعدم وجود أي مركز صحي.
وبحسب رئيس المجلس المحلي، فإن هناك خطة لتأهيل خمس آبار مياه وإنشاء خزان وضخ المياه إلى الشبكة، بالتعاون مع شركة المياه. كما جرى التنسيق بشأن تزويد المدينة بأربع محولات كهربائية، لكن التنفيذ لا يزال معلقاً بانتظار توفر المواد اللازمة.
ضبابية في المصير ومخاوف من العودة
ورغم محاولات الترميم الفردية، إلا أن الغموض المحيط بمستقبل الحجر الأسود لا يزال يقلق الكثير من المهجرين. “لا أحد يعرف إن كانت البيوت ستُرمم أم ستُزال، ولا توجد خطة واضحة لإعادة الإعمار”، تقول آلاء محمد، مضيفة أن هذا الفراغ هو ما يجعل الناس تتردد في العودة إلى منازلها.
بين الوعود والواقع
وبرغم التصريحات الرسمية التي تؤكد وضع المدينة ضمن أولويات إعادة الإعمار، يواجه سكان الحجر الأسود واقعاً مختلفاً. إذ لا تزال المدينة بلا ماء ولا كهرباء ولا صرف صحي، وتفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة. وبينما ينتظر الأهالي تدخلاً فعلياً من السلطات أو المنظمات، يواصلون حياتهم وسط الركام، بإمكانات ذاتية لا تكفي لإعادة الحياة إلى مدينة أنهكتها الحرب وأهملها السلام.