في خطوة تعكس إرادة الحياة وروح المبادرة المحلية، أطلق أهالي مدينة الأتارب بريف حلب الغربي حملة مجتمعية واسعة بعنوان “الأتارب تستاهل”، تهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية للمدينة، بعد سنوات من الحرب والإهمال.
الحملة التي انطلقت بدعم من الأهالي ومشاركة فعّالة من مؤسسات مدنية والدفاع المدني، وتهدف إلى ترميم شوارع المدينة، إنارة مداخلها، وتعزيز الانتماء بين سكانها، في وقت لا تزال فيه معظم المناطق المحررة بانتظار مشاريع إعادة الإعمار الرسمية.
وأوضح عبد الكريم العمر، منسق الحملة، خلال حديثه لمنصة سوريا 24 أن المبادرة خرجت من رحم المجتمع المحلي، بمشاركة الأهالي ومحبي المدينة، وبرعاية إدارة المنطقة، وبتعاون فعّال مع فرق الدفاع المدني والمؤسسات المدنية العاملة.
وأشار العمر إلى أن الحملة تهدف إلى تعزيز روح التكافل والثقة بين أبناء المدينة، وترسيخ الإيمان بأن نهوض الأتارب لا يمكن أن يتم إلا بسواعد أهلها، مبيناً أنّ المبادرة أُطلقت سلسلة من الأعمال الخدمية، أبرزها إصلاح المنصف في المدخل الشرقي للمدينة، وتركيب أعمدة الإنارة على طول الطريق الممتد من مفترق المصريين حتى المدخل الرئيسي للأتارب.
هيكل تنظيمي… ومبدأ الشفافية
بيّن القائمون على الحملة أنه تم تشكيل لجان عمل متخصصة لتنظيم الجهود وضمان الشفافية، وشملت هذه اللجان: لجنة مالية مسؤولة عن التبرعات وتوثيقها، لجنة تخطيط وتنفيذ للأعمال، إضافة إلى لجنة إشراف تتابع كل خطوة وتُطلع المجتمع على تفاصيل التقدم، في إطار سياسة مفتوحة تُعزّز الثقة والمشاركة.
ووفق ما أكده العمر، فقد تمكّنت الحملة من جمع تبرعات تجاوزت قيمتها أربعين ألف دولار أمريكي حتى الآن، جُمعت من أهالي المدينة وتجارها، وتم توثيق كل مساهمة بإيصال رسمي.
دعم من الدفاع المدني والمجالس المحلية
من جانبه، أعلن علي جمعة، مدير مركز الدفاع المدني في الأتارب، أن الدفاع المدني يدعم الحملة بكل ما يملكه من كوادر وآليات وتجهيزات، في إطار التزامه الدائم بمساندة المجتمع المحلي، وقال لمنصة سوريا 24: “نحن جزء من هذا المجتمع، وواجبنا أن نكون في قلب كل جهد يبني المدينة من جديد”.
بدوره، عبّر المهندس مصطفى قرنفل، مدير المشاريع في مجلس مدينة حلب، عن إعجابه بالمبادرة، داعيًا بقية المدن السورية إلى الاستلهام من تجربة الأتارب.
وأكد لمنصة سوريا 24 أن المجلس مستعد لتقديم الدعم الفني واللوجستي لأي حملة شبيهة في المناطق المحررة، معتبرًا أن المبادرات الأهلية اليوم هي القلب النابض لإعادة الإعمار.
“بلدنا… أكبر من بيوتنا”
في حديثه لـ”سوريا 24″، اعتبر أسامة البكر، من المشاركين في الحملة، أن هذه المبادرة أعادت للناس شعورهم بالانتماء والمسؤولية.
وأكد أن الأهالي شاركوا فيها من مختلف الخلفيات: مدنيون، تجار، شباب، وأصحاب مهن، كل حسب استطاعته، وقال: إنها “ليست مجرد حملة خدمية، بل دليل على أن الناس مستعدة لبناء بلدها إذا أُعطيت الفرصة. الأتارب ليست فقط منازلنا، بل هي بيتنا الكبير… وواجبنا نحافظ عليها وننهض فيها”.
رسالة مفتوحة من الأتارب
تجربة “الأتارب تستاهل” لا تقتصر على إصلاح طريق أو إنارة شارع، بل تمثل عودة الثقة إلى المجتمع بنفسه، وقدرته على تنظيم جهوده والبناء من جديد.
هي دعوة مفتوحة للجهات الداعمة، والسلطات المحلية، والمنظمات العاملة، كما يقول عدد من أهالي المدينة ممن التقتهم منصة سوريا 24، بأن الناس مستعدة للعمل… فقط أعطوها مساحة وفرصة حقيقية.