الدروس الخصوصية في دمشق وريفها .. موسم امتحانات أم موسم استنزاف؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

مع بداية الامتحانات، تتحوّل الدروس الخصوصية إلى “طوق نجاة” للطلاب و”فرصة ذهبية” للمعلمين، في مشهد يعكس تراجع التعليم الحكومي من جهة، وتزايد الأعباء المعيشية على الأسر السورية من جهة أخرى. وبينما يبحث الطلاب عن فهم ضائع بين جدران المدارس الرسمية، يجد المعلمون في هذه الفترة موسمًا لتعويض ضعف رواتبهم من خلال تقديم دروس خصوصية بأسعار متفاوتة.

في العاصمة دمشق، لا تقل تكلفة الجلسة الواحدة لتدريس المواد العلمية لطلاب الثانوية العامة عن 100 ألف ليرة، وقد تصل إلى 300 ألف ليرة، وفق شهرة المعلم وخبرته. ويؤكد محمد عبد الرحمن، معلم رياضيات من حي القابون، أن “الإقبال يتزايد بشكل كبير في الشهر الأخير قبل الامتحانات، ما يضاعف الضغط على المعلم والطالب معًا”، مضيفًا في حديثه إلى منصة “سوريا 24” أن “مستوى الطلاب ضعيف جدًا، وهو ما يجعل الحصة الواحدة تتطلب جهدًا مضاعفًا، ومن هنا تأتي ارتفاع الأسعار”.

في المقابل، لا تجد الأسر بديلًا عن هذه الدروس، رغم ما تشكله من عبء اقتصادي. فاتن خالد، أم لثلاثة أطفال من ريف دمشق، تقول إن الأسعار في الريف أقل قليلًا من المدينة، لكن “تبقى مرهقة جدًا”، مضيفة: “المدارس ما عاد فيها شيء، والراتب ما بيكفي، لذلك نضطر نلجأ للدروس الخصوصية…ابنة أخي صف بكالوريا، ويدفعوا حوالي 100 ألف على الجلسة، وأحيانًا أكثر، لدرجة إنهم سجلوا بمعهد خاص كلفهم أكتر من 10 ملايين ليرة، وكل هذا لأن الأستاذ بالمدرسة ما بيشرح، أو ما بيجي أصلاً”.

أما في حي برزة الدمشقي، فتؤكد الطالبة شهد الحموي أن “غياب المعلمين أو ضعف كفاءتهم دفع الطلاب نحو الدروس الخصوصية”، مشيرة إلى أن بعض المواد مثل الكيمياء والعربي “كانوا بلا معلم لشهور”، ما جعلهم يعتمدون بشكل كامل على المعاهد والدروس الخارجية. تقول: “نحن فهمنا المنهج من المعاهد، مو من المدرسة… أحيانًا ما في أساسًا أستاذ، وإذا في، ما عم يشرح أو ما منقدر نفهم عليه”.

ويجمع الطلاب والأهالي على أن التكاليف تختلف من مادة لأخرى، ومن منطقة لأخرى، لكن المواد العلمية، خاصة الرياضيات والفيزياء، تعد الأعلى سعرًا. فكل معلم يضع سعره وفق خبرته وشهرته، وقدرته على إيصال المعلومة بحسب شهادة شهد، التي أوضحت أن الجلسات قد لا تتعدى الساعة، لكنها تكلف ما يعادل ربع راتب موظف حكومي.

تعد هذه الظاهرة ليست مجرد نتيجة لضعف التعليم الرسمي، بل تحوّلت إلى “اقتصاد موازي” يعوّل عليه المعلمون في تأمين دخل إضافي، بعد أن باتت رواتبهم بالكاد تغطي حاجاتهم الأساسية. وفي الوقت نفسه، يثير هذا الواقع تساؤلات جدية حول جودة التعليم الرسمي ومدى فعاليته، في ظل استمرار الاعتماد شبه الكلي على الدروس الخصوصية في مراحل التعليم المفصلية.

مقالات ذات صلة