في ظل التحوّلات السياسية الجذرية التي شهدتها سوريا مؤخرًا بعد سقوط النظام السابق بكامل بنيته، تواجه المؤسسات المحلية تحديات تنظيمية وإدارية كبيرة، لا سيما مع سعي الحكومة السورية الجديدة إلى إعادة بناء هيكل الدولة على أسس قانونية ومؤسساتية حديثة، ويبرز ملف الإدارة المحلية كأحد أبرز تلك التحديات، في ظل غياب إطار قانوني ناظم يُواكب المتغيرات، ويُعيد ضبط العلاقة بين المحافظات والمجالس المحلية.
وكشف مصدر خاص في الحكومة السورية الجديدة لـ”سوريا 24” أن العلاقة بين المحافظات والمجالس المحلية لا تزال غير منظّمة بشكل واضح، نتيجة غياب قانون جديد للإدارة المحلية يُواكب التغيرات السياسية والإدارية التي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة، عقب انهيار النظام السابق.
وقال المصدر: “رغم وجود قانون الإدارة المحلية الصادر عام 2011، إلا أن القانون مليء بالثغرات التي استُغلّت سابقًا لتعزيز المركزية ونهب المال العام، ما يجعل من الضروري إصدار قانون جديد يُعيد ضبط العلاقة بين الحكومة والمجالس المحلية وفق قواعد شفافة وعدالة في توزيع الصلاحيات”.
وأضاف أن “هناك تنسيق واضح حاليًا مع الوزارات المركزية، خصوصًا في ملفات مثل التربية والتجارة، لكن العلاقة بين المحافظات والمجالس المحلية لا تزال غير مؤسسية وتعتمد على التفاهمات، لأن القانون الناظم لم يصدر بعد”.
ويخضع عمل المحافظة حاليًا لهيكل إداري مزدوج، إذ تتبع إداريًا لرئاسة مجلس الوزراء، بينما تُدار تنظيمياً من قبل وزارة الإدارة المحلية، ما يزيد من تعقيد العلاقة مع المجالس المحلية في ظل تداخل الصلاحيات وعدم وضوح المرجعيات.
وختم المصدر حديثه بالقول: إن “قانون الإدارة المحلية الجديد سيصدر خلال أيام، وسيُحدث نقلة في طريقة إدارة الشأن المحلي، بما يكرّس مبدأ اللامركزية، ويمنح المجالس المحلية القدرة على العمل ضمن صلاحيات واضحة، بعيدًا عن التداخلات التي عطّلت أداءها في المرحلة السابقة”.
ويُعدّ إصدار قانون جديد للإدارة المحلية خطوة مفصلية في مسار إعادة بناء الدولة بعد المرحلة الانتقالية، إذ من شأنه أن يُنهي حالة الضبابية في توزيع الصلاحيات، ويفتح الباب أمام تطبيق نموذج أكثر عدالة وفاعلية في إدارة الشأن العام على المستوى المحلي، ويرى مراقبون أن نجاح هذا القانون سيعتمد على آلية تطبيقه على أرض الواقع، ومدى التزام المؤسسات به، بعيدًا عن منطق الهيمنة والتجاذب السياسي الذي طبع تجربة الإدارة في العقود الماضية.