إهمال المسجد العتيق في الرقة يهدد سلامته الأثرية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

يواجه المسجد العتيق في مدينة الرقة، المعروف باسم الجامع المنصوري نسبة إلى الخليفة العباسي المنصور مؤسسه في القرن الثامن الميلادي، ظروفا مأساوية بسبب الإهمال المتزايد وانتشار النفايات في محيطه، الأمر الذي بات يشكل خطرا كبيرا على سلامة هذا المعلم التاريخي، ويعكس تراجع الاهتمام بحماية التراث الثقافي للمدينة.

قيمة تاريخية وأثرية متميزة

يُعد المسجد العتيق من أقدم المساجد التي أُنشئت في العصر العباسي، ويحمل أهمية تاريخية بالغة نظرا لارتباطه باسم مؤسس بغداد، الخليفة المنصور. كما يجسد المسجد الطراز المعماري الإسلامي المميز لتلك الحقبة، ويشكل شاهدا على فترات تاريخية وثقافية عريقة تركت بصمتها على هوية الرقة وأهلها.
وقد كان المسجد على مر العصور مركزا دينيا وتعليميا رئيسيا، وأصبح جزءا أصيلا من ذاكرة الرقة وجزءا من تراثها الحضاري.

انتشار القمامة ومولدات الأمبيرات يزيد من تفاقم الوضع

يشكو سكان الرقة من تراكم النفايات والحطام داخل المسجد وفي محيطه، إلى جانب وجود مولدة أمبيرات كهربائية داخله، وهو ما يعد اعتداء صارخا على المكان الأثري. وأعرب المعنيون عن استيائهم من هذا المشهد المشوه، مؤكدين أن استمرار الإهمال يشوه القيمة التاريخية للمسجد ويهدد مستقبله.

في تصريح لسوريا 24، قال معاذ المصطفى (52 عاما)، من سكان الرقة: «وجود مولدة الأمبيرات بهذا الشكل داخل موقع أثري ذي قيمة كبيرة يشوه المنظر ويقلل من قيمته التاريخية. نأمل إزالة هذه المعدات بأسرع وقت، والتفكير بطريقة تحافظ على أصالة الموقع وجماله».

مناشدات الأهالي بإنقاذ المعلم الأثري

من جانبهم، طالب السكان الجهات المعنية بالتدخل السريع لإنقاذ المسجد من الإهمال والتلوث، وشددوا على أهمية تنظيفه وتعيين حارس للموقع لمنع التخريب والحفاظ على سلامته.

وقال موسى الحسن (47 عاما)، من سكان المنطقة، لسوريا 24: «نشعر بخيبة أمل كبيرة من الإهمال الذي أصاب المسجد العتيق، فهو رمز للفخر والتاريخ لدينا، أما الآن فالقمامة والأوساخ تحيط به من كل جانب، وهذا تقصير من الجهات المسؤولة. نطالب بحلول فعلية وسريعة لإنقاذ هذا الموقع الهام».

أما عيسى الخطيب (55 عاما)، من سكان الحي، فأعرب بدوره عن استيائه قائلا: «عندما نرى كيف تعتني الدول الأخرى بمواقعها الأثرية وتحافظ على رونقها، نحزن على وضعنا هنا. نأمل أن تتوفر رؤية جادة لحماية تراثنا والارتقاء بطريقة إدارة المواقع الأثرية حتى نلحق بركب الدول التي تحافظ على تاريخها بجدية وحرص».

بلدية الرقة: ظروف اقتصادية صعبة وتنسيق مع جهات عدة

من جهتها، أرجعت بلدية الرقة أسباب الإهمال إلى الظروف الاقتصادية الصعبة وشح الموارد، ما انعكس سلبا على قدرة البلدية على تنفيذ حملات صيانة وتنظيف دورية للمواقع الأثرية، مشيرة إلى سعيها المستمر لتأمين الدعم اللازم بالتعاون مع الجهات المعنية والمنظمات العاملة في الرقة.

وأوضحت البلدية في تصريح لسوريا 24 أن «المسجد العتيق يحمل قيمة تاريخية كبيرة، ونقدر أهميته كمَعلم أساسي من معالم هوية الرقة. نعمل قدر المستطاع ضمن الإمكانيات المتاحة لتوفير بيئة نظيفة وآمنة للمواطنين وزوار المدينة، ونأمل أن نجد تعاونا جادا من الأهالي عموما، وأهالي حي المنصور خصوصا، للمحافظة على هذا الموقع الأثري من خلال الالتزام بقواعد النظافة وعدم إلقاء القمامة داخله أو في محيطه».

وفي ضوء ما سبق، يبقى المسجد العتيق في الرقة شاهدا على ماض عريق ومتميز، والحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لإنقاذه من الإهمال، بما يضمن صونه للأجيال القادمة والحفاظ على هويته التاريخية والثقافية.

مقالات ذات صلة