“سوريا 24″ و”أجواء ميديا”: تدريب إعلامي لتطوير صحافة سورية مهنية لما بعد الحرب

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

منذ قرابة شهر ونصف، خاض فريق منصة “سوريا 24” تجربة تدريبية مكثفة ومتميزة استمرت حتى 21 حزيران 2025، أقيمت أيام الجمعة والسبت من كل أسبوع عبر الإنترنت، تحت إشراف المدرب الإعلامي إسماعيل القريتلي من مؤسسة “أجواء ميديا”. هذا التدريب، الذي جاء مصممًا خصيصًا ليلبي احتياجات الفريق التحريرية والميدانية، سعى إلى إعادة تعريف دور الصحفي السوري في ظل التغيرات المعقدة التي شهدتها الساحة السورية بعد سنوات الحرب.

مشروع تأسيسي لإعادة التفكير الإعلامي

وصف القريتلي التدريب بأنه أكثر من مجرد سلسلة ورش عمل أكاديمية، بل مشروع تأسيسي يهدف إلى إعادة تشكيل طريقة معالجة الأخبار لدى الصحفي السوري، قائلاً: “نحن نصنع فارقًا في كيفية التفكير الإعلامي، ونعيد رسم أدوات الصحافة لخدمة جمهور سوري تعافى من سنوات طويلة من الحرب والانقسام”.

تدريب عملي ومكثف بخمسة محاور أساسية

تميّز البرنامج بالتطبيق العملي والمكثف، حيث تناول خمسة محاور أساسية امتدت من تطوير المحتوى إلى استخدام التقنيات الرقمية، مرورًا بإدارة شبكة المراسلين وتغطية قضايا ما بعد الحرب، ووصولًا إلى أساليب اختيار موضوعات مؤثرة تمس قضايا المجتمع.
وركّز التدريب على تطوير مهارات السرد القصصي، ما أتاح الانتقال من تغطيات صوت المعركة إلى صحافة أكثر ارتباطًا بالحلول والمبادرات الإنسانية التي يحتاجها السوريون في المرحلة الانتقالية.

تعزيز مهارات التحقق وأخلاقيات الصحافة

من القضايا الجوهرية التي عولجت خلال التدريب كيفية التعامل مع بيئة إعلامية تعجّ بالشائعات والدعاية، وسط شح المصادر الموثوقة.
وقد أشار القريتلي إلى أن المراسلين دُرّبوا على مهارات التحقق الدقيق من المعلومات وتطوير حس نقدي ينفذ إلى خلفيات الأخبار وأثرها الحقيقي على المجتمع.
كذلك، نال الجانب الأخلاقي أهمية كبيرة، إذ تناول التدريب تحديات تغطية قضايا الضحايا والمفقودين، مع التركيز على مبدأ “عدم الإيذاء”، وضمان تقديم تغطية إنسانية تحفظ كرامة الضحايا وذويهم.

استعادة الثقة من جديد

أدرك القريتلي أن سنوات الدعاية والاستقطاب التي سادت الإعلام سابقًا تركت فجوة ثقة واسعة لدى الجمهور. لذلك سعى التدريب إلى غرس ثقافة مهنية متجذرة تعزز الحياد والابتعاد عن خطاب الكراهية، وتفتح مساحات أرحب لصوت الإنسان العادي داخل القصص والتقارير.
وأوضح القريتلي: “نحن لا نعد دعاة، بل نصنع صحفيين يمتلكون أدوات التفكير النقدي والحس الإنساني في آن واحد”.

سلامة المراسلين وأدوات الذكاء الاصطناعي
على الرغم من انحسار المواجهات العسكرية، ما زالت المخاطر الأمنية قائمة، لذا خصص التدريب مساحة واسعة لإجراءات الأمن والسلامة والتنسيق الدائم بين المراسلين وغرف التحرير.
من جهة أخرى، أتاح التدريب للمشاركين الاطلاع على تطبيقات أدوات الذكاء الاصطناعي والبرمجيات الرقمية لتسهيل جمع المعلومات وتحليل البيانات، وهي مهارات أساسية من وجهة نظر القريتلي من أجل تطوير صحافة سورية مهنية ومواكبة للمعايير العالمية.

صحافة حلول وأمل للمجتمع السوري

في ختام التدريب، أكد القريتلي أن روح البرنامج تقوم على تبني “صحافة الحلول”، التي لا تتجاهل المشكلات لكنها تسعى إلى طرحها بروح مسؤولة وهادفة إلى فتح أفق أوسع للسلام والتعافي المجتمعي.
وقال: “ما يحتاجه السوريون اليوم هو إعلام يساعد على بناء الجسور، ويركز على المبادرات الناجحة، وهذه ليست رفاهية مهنية، بل مسؤولية أخلاقية في زمن هشّ كهذا”.

شهادات من قلب الفريق المشارك

أعربت منيرة بالوش، محررة في موقع “سوريا 24” والمشاركة في الدورة، عن تقديرها العميق، قائلة إن التدريب أضاف لها وعيًا أعمق بدور الصحافة خلال المراحل الانتقالية وفتح أمامها آفاقًا لفهم ديناميات العمل الإعلامي في بيئات متغيرة.

أما أحمد الحسن، مراسل “سوريا 24” في الرقة، فقد أشار إلى أن التدريب ساعده على تطوير قدراته التحليلية ومهاراته في اختيار المواضيع والكلمات المفتاحية، إضافة إلى إتقانه استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة محتوى مهني وجاذب للقارئ.

وقال سامر الأحمد، مدير تحرير الموقع، إن التدريب كان فرصة ثمينة لفريق التحرير لتعزيز المهارات وتوظيف الأدوات الحديثة، وأكد حرص الإدارة على استمرار تطوير قدرات الفريق بما يواكب متغيرات المشهد الإعلامي ويعزز من جودة المحتوى.

يشكّل هذا التدريب جزءًا من مسار تطويري يسعى إلى رفع كفاءة فريق “سوريا 24” في التعامل مع متطلبات العمل الصحفي في سياقات ما بعد النزاع. وقد أتاح البرنامج للمشاركين فرصًا عملية لتعزيز مهاراتهم التحريرية والتقنية، بما يتماشى مع المعايير المهنية الحديثة. وتؤكد إدارة المنصة أهمية الاستمرار في الاستثمار بالتدريب الإعلامي، بوصفه ضرورة لمواكبة التغيرات في الحقل الصحفي وضمان إنتاج محتوى يعكس الواقع السوري بدقة ومسؤولية.

مقالات ذات صلة