تشهد الأوساط الشعبية والوظيفية في سوريا حالة من الارتياح بعد صدور مرسوم تشريعي قضى بزيادة الرواتب والأجور بنسبة 200%، في خطوة اعتبرها كثيرون ضرورية للتخفيف من وطأة الضغوط المعيشية التي أثقلت كاهل الموظفين والعاملين في القطاعين المدني والعسكري. ورغم الترحاب العام بالزيادة، إلا أن التخوّف من انعكاسها على الأسعار وتحوّلها إلى وقود جديد للتضخم، بات حاضراً في أذهان كثير من المواطنين.
تفاصيل المرسوم الرئاسي وشمول فئات متعددة
وكان قد صدر مرسوم رئاسي ينص على إضافة نسبة 200% إلى الرواتب والأجور المقطوعة لكافة العاملين في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة، إضافة إلى شركات القطاع العام والوحدات الإدارية، وكذلك الجهات ذات المساهمة الحكومية التي لا تقل عن 50%. وشمل المرسوم أيضاً المتعاقدين والمياومين والمؤقتين، سواء أكانوا وكلاء أم موسميين أو معينين بعقود استخدام أو صكوك إدارية، مع مراعاة شروط محددة لتطبيق الزيادة على العاملين بعقود مؤقتة أو غير تقليدية.
آراء المواطنين: بين الترحيب والمخاوف من الغلاء
وتعليقاً على ذلك، تقول صابرين خرسة، وهي ربة منزل من ريف دمشق وزوجها موظف في مديرية الزراعة، في حديثها إلى منصة سوريا 24، إن هذه الزيادة “ضرورية ومنتظرة”، مشيرة إلى أن راتب زوجها بعد الزيادة سيصل إلى نحو مليون ليرة سورية، وهو مبلغ تعتبره جيداً نسبياً قياساً بالرواتب السابقة. لكنها في الوقت نفسه، تبدي تخوفها من أن تبتلع الأسواق هذه الزيادة، قائلة: “فور صدور القرار، ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية في الأسواق، ونخشى أن تذهب الزيادة مجدداً إلى جيوب التجار”.
تحذيرات من تأثير الزيادة على الأسعار والتضخم
أما ناريمان موسى، وهي معلمة في إحدى مدارس ريف دمشق، فتؤكد أن الزيادة “محقة وتهدف إلى تحقيق شيء من التوازن بين الرواتب وتكاليف الحياة”، إلا أنها لاحظت، على غرار كثيرين، أن الأسعار بدأت بالصعود بشكل ملحوظ في الأسواق، لا سيما في السلع الغذائية الأساسية، مما يثير الشكوك حول إمكانية المواطنين في الاستفادة الحقيقية من هذه الزيادة.
دعوات لضبط الأسواق ومواكبة الزيادة بإجراءات رقابية
من جانبه، يصف الموظف عماد الدين محمد، من أهالي حرستا، الزيادة بأنها “خطوة إيجابية تأخرت كثيراً، لكنها جاءت في وقت حرج”. ويقول: “بات الموظف اليوم يدفع أكثر من نصف راتبه أجرة مواصلات فقط، ناهيك عن باقي الالتزامات من طعام ودواء وفواتير”. ويرى أن الزيادة ضرورية في ظل الارتفاع غير المنطقي للأسعار، ويضيف: “التضخم الذي نعيشه اليوم غير مسبوق، ونحن كموظفين نعيش بين نارين، الأولى ضعف الدخل، والثانية التكاليف اليومية التي لا ترحم. هذه الزيادة قد تساعد على التقاط الأنفاس، لكنها لن تكون كافية إن لم تقترن برقابة حقيقية على الأسواق تمنع استغلال المواطن”.
الواقع الاقتصادي يضغط: الزيادة وحدها لا تكفي
وتأتي هذه الزيادة في وقت تشهد فيه البلاد تدهوراً حاداً في القدرة الشرائية، وانهياراً مستمراً في قيمة العملة المحلية، وسط عجز السياسات الاقتصادية عن كبح جماح الأسعار وضبط الأسواق. وبينما يأمل الموظفون أن تشكل هذه الخطوة انفراجة مؤقتة، تتعاظم المخاوف من أن تصبح الزيادة مجرد رقم جديد في حسابات لا تصمد طويلاً أمام تضخم متسارع لا يعرف سقفاً.