بلدية الحسكة تتجاهل التجاوزات الكبرى في الشوارع

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

في أحياء مدينة الحسكة، لم تعد الأرصفة مخصصة للمشاة، ولا المواقف العامة مفتوحة للمركبات، فمع كل مترٍ من الشارع، هناك من يضع “حجره” ليعلن ملكيةً غير معلنة، ويبدأ بابتزاز السكان تحت مسمّى “الترتيب” أو “الإشراف الميداني”.

باتت هذه الممارسات مشهدًا مألوفًا في المدينة، وسط غياب تام للرقابة، ما خلق حالة من الفوضى تحوّلت فيها الممتلكات العامة إلى موارد خاصة بيد أفراد محسوبين على جهات متنفذة.

أبو طارق، موظف متقاعد يقيم في حي الناصرة، يقول لموقع “سوريا 24“: “توجّهت لركن سيارتي أمام السوق، ففوجئت بشاب يطلب مني 25 ألف ليرة مقابل الساعة، عندما رفضت، هدّدني بأن سيارتي لن تسلم من الخدوش إن لم أدفع… ولم أملك خيارًا سوى الرضوخ”.

هذه القصة ليست استثناءً، بل تتكرر يوميًا في مناطق متفرقة من المدينة، حيث يُجبر المواطنون على الدفع مقابل استخدام أرصفة أو مواقف عامة، حُجزت مسبقًا لصالح أشخاص يدّعون أنهم “موظفون ميدانيون” أو “تابعون للبلدية”، دون أي أوراق رسمية أو بطاقات تعريف.

أما الباعة الجوالون وأصحاب البسطات، فمعاناتهم مضاعفة، نجلاء (اسم مستعار)، وهي أرملة تبيع الخضروات على عربة صغيرة، تقول: “كل أسبوع أدفع 150 ألف ليرة لمن سمح لي بالوقوف على ناصية الشارع، وإذا تأخرت، يأتي من يهددني بإزالة البسطة ومصادرة البضاعة”.

وتضيف بحسرة: “هذا المبلغ يعادل نصف ربحي الأسبوعي، لكن لا بديل… لا أحد يدافع عنا، ومن يشتكي يتعرض للطرد”.

مؤخرًا، شهدت المدينة حملة محدودة نفذتها بلدية الحسكة لإزالة بعض البسطات من الشوارع، بدعوى “إعادة تنظيم الأرصفة وتحسين المظهر العام”، إلا أن الحملة أثارت انتقادات واسعة بسبب تركيزها على الفئات الأضعف، دون الاقتراب من التجاوزات الكبيرة المرتكبة من قبل متنفذين أو متعاونين مع جهات أمنية.

فراس ناشط ميداني علّق لموقع سوريا 24 على الحملة بقوله: “كان الأجدى بالبلدية معالجة جذور المشكلة، لا التضييق على الفقراء، هناك أرصفة ومواقف محجوزة بالكامل لصالح أشخاص معروفين، ومع ذلك لم يقترب منهم أحد”.

ويؤكد عدد من سكان المدينة أن المشكلة لا تتعلق فقط بتجاوزات أفراد، بل بانعدام آليات تنظيم واضحة تحمي الملكية العامة وتمنع الاستغلال، إذ لا توجد جهة رقابية فاعلة تتلقى شكاوى المواطنين أو تتعامل بجدية مع هذه الانتهاكات المتكررة.

ويطالب أهالي الحسكة بإعادة تفعيل دور المجالس المحلية وفق معايير شفافة، وتحديد جهات مسؤولة بوضوح عن تنظيم استخدام الأرصفة والمواقف العامة، مع فرض رقابة مستقلة وفتح قنوات تواصل لاستقبال شكاوى المواطنين.

وفي الوقت الذي تُترك فيه الأرصفة للباعة غير النظاميين والمواقف لمن يدفع أكثر، يختنق المشاة وسط الشوارع، ويضطر المواطن لدفع ثمن ما يفترض أن يكون حقًا مجانيًا، فهل تتحرك الجهات المعنية لضبط الفوضى، أم تبقى الشوارع للبيع… لمن يملك النفوذ؟.

مقالات ذات صلة