جمعت ندوة حوارية في مدينة طرطوس ناشطين وفاعلين من مختلف مكونات الشعب السوري حول طاولة واحدة، للتفكير في سُبل بناء اندماج مجتمعي حقيقي، بعد سنوات من الانقسام والتباعد. فتحت الجلسة باب النقاش حول مفاهيم الانتماء، والتعايش، وكيفية خلق بيئة تسمح بالاختلاف وتنتج تماسكًا أهليًا جديدًا.
جاءت الندوة بتنظيم من مركز “خطوات سوريا للتنمية المجتمعية”، وسط حضور متنوع من الفاعلين المدنيين والسياسيين والإنسانيين في منطقة الساحل. طُرحت خلال النقاشات أفكار تتعلق بالحاجة إلى التواصل بين أبناء المناطق المختلفة، وإزالة الرواسب الاجتماعية التي خلفتها سنوات الحرب، بالإضافة إلى خلق آليات للحوار تشمل الجميع دون إقصاء.
بالنسبة لأحمد شوبك، المدرب المعتمد في الجلسة، فإنّ هذا الحوار يهدف إلى تعزيز الاندماج والسلم الأهلي، وبناء مجتمع متماسك، ومحاولة الوصول إلى قواسم مشتركة، إلى جانب آلية وكيفية البناء بشكل صحيح، وتقوية الروابط بين جميع المكونات، وضمان الأمن والأمان والسلام الداخلي.
وأكد شوبك في حديثه لمنصة “سوريا 24” أن الاندماج يحتاج إلى جهد مجتمعي بين جميع المكونات السورية، من أجل الوصول إلى حوار بنّاء يحترم الرأي والرأي الآخر. وعليه، فإنّ الحوار لا يُقاس بنتائجه الفورية، بل بما يفتحه من مسارات لفهم الآخر، وتقريب المسافات، والتأسيس لمسؤولية جماعية في بناء الأمن المجتمعي.
من جهتها، وصفت كندة علي، إحدى المشاركات، الجلسة بأنها مساحة آمنة لتبادل الأفكار بعيدًا عن التصنيفات المسبقة، ورأت في اللقاء فرصة حقيقية لصياغة تصور مشترك لمستقبل تعايش سلمي ينطلق من الواقع لا من التنظير. وقالت لمنصة “سوريا 24”: “التفاعل بين المشاركين منح النقاش صدقية وعمقًا، وخاصة حين تم التطرق لهوية السوريين وسبل تمثيلهم داخل مؤسسات جديدة تُبنى على العدالة والانفتاح”.
عبد الله السيد، ناشط من طرطوس، تحدث عن شعور نادر بالانتماء خلال الجلسة، حيث وجد من يشاركه القلق والأسئلة ذاتها، لا سيّما حول معنى المواطنة وأولويات العودة إلى المجتمع بعد التهجير، مؤكدًا أن أجواء النقاش ساعدت – برأيه – على كسر الجمود المجتمعي وفتح نافذة نحو فهم متبادل.
ختم الحاضرون اللقاء بدعوة صريحة إلى تكرار هذه التجربة في مناطق سورية أخرى، انطلاقًا من قناعة بأن الحوار ليس ترفًا، بل ضرورة في زمن إعادة البناء. الطريق نحو الاندماج طويل، لكنه يبدأ بلقاء صادق، وكلمة تُقال من القلب.