المستشفيات الخاصة في القامشلي: تجارة على حساب آلام المرضى

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

في مدينة القامشلي، لم تعد المستشفيات الخاصة ملاذاً للشفاء، بل عبئاً إضافياً على كاهل المرضى وذويهم. فبين فواتير باهظة، وخدمات متواضعة، وتشخيصات مضللة، يتحول العلاج إلى تجارة، والمريض إلى زبون في سوق مفتوح بلا رقابة.

دفعوا الثمن باهظاً مقابل علاج مفقود

اضطر أبو جابر، 45 عاماً، من مدينة القامشلي، إلى إدخال شقيقه المصاب بأزمة قلبية إلى قسم العناية المركزة في أحد المستشفيات الخاصة بالمدينة. لم يكن أمامه خيار سوى المستشفى السوري التخصصي، لكنه فوجئ بكلفة الليلة الواحدة التي وصلت إلى مليوني ليرة سورية، دون احتساب أجور الطبيب وثمن الأدوية من صيدلية المستشفى.

يؤكد أبو جابر أن المستشفيات الخاصة في القامشلي لا تراعي الوضع الاقتصادي المتدهور للأهالي، بل تستغل حاجتهم للدواء والرعاية، وتتعامل مع المرضى كفرص ربح، مشيراً إلى أن الأسعار تختلف من مستشفى إلى آخر دون وجود أي تنظيم أو رقابة. ويضيف: “كل ما زرت مستشفى، كنت أحفظ أسعارهم واحداً تلو الآخر، وآخرها كان مستشفى تيشي الذي قيل إنه جيد، لكن التجربة كانت محبطة”.

رعاية شكلية ومسكنات بلا خطة علاج

ويشير أبو جابر إلى أن أغلب المستشفيات لا تقدم علاجاً فعلياً، بل تكتفي بإعطاء المهدئات والمسكنات دون متابعة دقيقة لحالة المريض. الرعاية محدودة، والتشخيص غائب، في حين تُحسب تكاليف الغرفة وخدمات الإقامة كما لو أنها فندق خمس نجوم، تُضاف جميعها إلى الفاتورة دون تقديم خدمة تليق بتلك الأرقام.

تكلفة باهظة وخدمة غائبة

عبد الله ملا العيسى، 38 عاماً، يصف الوضع الصحي في المدينة بأنه “تجارة لا علاج”. يشير إلى أن عدد المستشفيات الخاصة في القامشلي تجاوز العشرة، لكنها تعمل بنفس الأسلوب القائم على الربح الفاحش والخدمة المتواضعة.
يؤكد عبد الله أن مستوى النظافة سيئ، الكوادر التمريضية شبه غائبة، والدكاترة يمرّون بسرعة على المريض دون تشخيص دقيق، ويتركون وصفات مليئة بالأدوية، بعضها غير ضروري. الهدف، كما يقول، هو ملء الوصفة بأي شكل لضمان دفع أكبر قدر من المال، بغض النظر عن فائدة العلاج أو ضرره.

أخطاء تشخيص خطيرة… وتأخير مصيري

من جهته، يروي “أبو خالد”، 30 عاماً، من ريف القامشلي، معاناة والدته المصابة بالسرطان. وبعد ظهور عقد في جسدها، لجأوا إلى عدة أطباء في المستشفيات الخاصة بالقامشلي، لكن كل طبيب قدم تقييماً مختلفاً: “واحد قال إنها حرارة، وآخر قال إنها عقد لمفاوية غير خطيرة”.

بعد تنقلها بين ثلاث مستشفيات وتحاليل مكلفة دون نتائج واضحة، قررت العائلة نقلها إلى دمشق، حيث تم اكتشاف السرطان في أول فحص. تبيّن أن المرض موجود في جسدها منذ ستة أشهر، ما يكشف عن خطورة الأخطاء الطبية والتشخيص العشوائي في مستشفيات المدينة.

دمشق كوجهة أخيرة لمن يبحث عن علاج حقيقي

في ظل تراجع مستوى الرعاية في القطاع الطبي الخاص بالقامشلي، باتت دمشق الخيار المفضل للعلاج. المرضى والعائلات وجدوا هناك أطباء أكثر كفاءة، ومستشفيات تقدم تشخيصاً أدق وعلاجاً أكثر مهنية، على عكس ما يعيشونه يومياً في مدينتهم من إهمال واستغلال.

واقع صحي مأزوم

الواقع الحالي في مستشفيات القامشلي الخاصة يكشف عن أزمة عميقة في الرؤية والمسؤولية. خدمات طبية لا ترتقي لمستوى التكاليف، أخطاء في التشخيص، غياب للرقابة، واستنزاف متواصل لجيوب المواطنين الذين يدفعون الثمن وحدهم.
تحول العلاج إلى تجارة، وفقد المريض حقه في الرعاية الآمنة. أمام هذا الواقع المؤلم، تبقى الحاجة ملحّة لتدخل حقيقي من الجهات المعنية لإعادة ضبط القطاع الصحي الخاص، وتأكيد أن الطب ليس تجارة، بل رسالة إنسانية لا تحتمل الاستغلال.

مقالات ذات صلة