يعاني مزارعو الأتارب اليوم من أضرار جسيمة لحقت بأراضيهم الزراعية، نتيجة استخدامها كسواتر ترابية وخطوط اشتباك خلال فترات سيطرة قوات النظام على المنطقة، مما أدى إلى تعطل الإنتاج الزراعي وارتفاع تكاليف إعادة التأهيل إلى مستويات تفوق قدرة السكان المحليين.
في هذا السياق، يروي أحمد مرعي، وهو أحد المزارعين المتضررين في الأتارب، لـ”سوريا 24″ تجربته قائلًا: “كنا نزرع الأراضي، ثم حصل اقتحام الجيش ونزحنا من المنطقة”.
ويتابع: “بعد التحرير، فوجئنا بأن معظم الأراضي تعرضت للتخريب، وأرضي التي تبلغ مساحتها نحو 4 هكتارات دُمّرت بالكامل بسبب حفر الخنادق والتدشيم”.
ويضيف: “لا أستطيع تحمّل تكاليف التأهيل، إذ تصل كلفتها إلى نحو 17 ألف دولار، وهذا العام لم نتمكن من الزراعة مطلقًا”.
من جهته، يشير عبد العزيز محمد، وهو مزارع آخر من المنطقة، إلى حجم الضرر الذي لحق بأرضه، قائلًا لـ”سوريا 24″: “كنا نقيم إلى جانب مواقع جيش النظام، وتحولت أراضينا إلى سواتر بعمق 10 أمتار وعرض يصل إلى 45 مترًا”، موضحًا أنّ لديه 8 هكتارات من الأراضي غير القابلة للزراعة حاليًا، بسبب تلك السواتر التي لا قدرة له على ردمها.
وبحسب محمد، فإنّ إعادة تأهيل أرض تبلغ مساحتها عدة هكتارات كلّفت صاحبها نحو 4 آلاف دولار، حيث تبلغ كلفة ساعة العمل بالتركس 40 دولارًا، وختم حديثه بمناشدة الجهات المعنية والسلطات المحلية لمساعدة الفلاحين في إعادة تأهيل أراضيهم.
تقع مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، وشكّلت خلال سنوات الصراع في سوريا نقطة تماس متقدمة بين فصائل المعارضة وقوات النظام. ومنذ انسحاب الجيش النظامي منها عام 2012، تعرضت المدينة لقصف جوي ومدفعي متكرر، وأسفر أبرز هذه الهجمات عن سقوط عشرات الضحايا، كما تحوّلت أراضيها الزراعية إلى مواقع عسكرية وسواتر ترابية، ما فاقم معاناة سكانها وأضعف قدراتهم على إعادة استثمار أراضيهم بعد التحرير.
أما عبده حسن طاهر، وهو من أصحاب الأراضي الواقعة على خطوط التماس السابقة، فقد أكد لـ”سوريا 24” أن نسبة كبيرة من أراضي الأتارب لا تزال متضررة حتى اليوم. وأوضح أن “70% من أراضي المدينة غير قابلة للاستثمار بسبب وجود السواتر، ولا يمكن سقاية الأراضي الواقعة خلفها”.
ويشير طاهر إلى أنّ الساتر الذي أقامه الأتراك، في وقت سابق، ضخم جدًا، عرضه نحو 50 مترًا وارتفاعه يصل إلى 30 مترًا، وأنه لجأ مؤخرًا إلى جلب تركس لإزالة جزء من الساتر، إلا أن التكاليف عالية، ولا طاقة له بها.
ويطالب المزارعون في الأتارب الجهات المعنية باتخاذ إجراءات سريعة لإزالة السواتر وتأهيل الأراضي، في محاولة لإنقاذ الموسم الزراعي القادم وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل السكان. وقد حاولت منصة “سوريا 24” التواصل مع قيادة المنطقة للحصول على تصريح حول مطالب الأهالي، لكنها لم تتلقَّ أي رد حتى لحظة تحرير الخبر.