أثار قرار وزارة الاقتصاد السورية القاضي بمنع استيراد السيارات المستعملة والسماح فقط باستيراد المركبات الحديثة (Zero Km)، ردود فعل متباينة في الشارع التجاري، خاصة في أسواق ريف إدلب وشمال حلب، حيث تُعد تجارة السيارات من أكثر الأنشطة حيوية.
السوق يشتعل… والأسعار تقفز
يقول عدي قطيني، تاجر سيارات في سرمدا، إن السوق شهد فور صدور القرار ارتفاعًا مباشرًا في أسعار السيارات المستعملة بما لا يقل عن 1500 دولار للسيارة الواحدة. ويُقدّر أن عدد السيارات المباعة يوميًا في المنطقة يتجاوز الألف سيارة، مؤكدًا أن الإقبال متزايد رغم ارتفاع الأسعار.
ويتابع قطيني: “القرار صائب من حيث منعه إغراق السوق بالسيارات القديمة والمتهالكة، كما أنه سيدفع الشركات لتقديم قروض وتقسيط ميسر، ما يسهل على الناس اقتناء سيارات حديثة وآمنة”.
كان وزير الاقتصاد محمد نضال الشعار قد أعلن، في وقت سابق، أن القرار جاء بعد تدفق كميات كبيرة من السيارات غير المطابقة للمواصفات، خاصة بعد تحرير سوريا، واستغلال بعض التجار غياب القيود الجمركية في الشمال لاستيراد مركبات مهترئة، ما شكّل عبئًا اقتصاديًا وخدميًا على البلاد.
استيراد السيارات الحديثة أولوية
أما محيي الدين موصللي، المدير التنفيذي لمجموعة الوسيم الاستثمارية، فقد أبدى دعمه للقرار، وصرّح لسوريا 24 قائلًا: “القرار جيد وصائب، لأن سوريا تتجه نحو التحديث، ويجب منع إغراق السوق بسيارات قديمة”، وأن “التركيز على استيراد السيارات الحديثة سيشجع الشركات على تقديم القروض والتقسيط، ما يسهل على الشعب امتلاك سيارات جديدة وحديثة”.
لكنه شدد أيضًا على ضرورة منح فترة انتقالية، مضيفًا: “كان من المبكر اتخاذ القرار بهذا الشكل المفاجئ، وكان من الأفضل إعطاء وقت كافٍ، لأن السوق مليء بسيارات قديمة بالفعل، وقد يتأثر المواطن العادي بارتفاع الأسعار”.
ويتقاطع كلام موصللي مع ما أعلنه الوزير الشعار، في وقت سابق، بأن القرار يهدف إلى ضبط فاتورة الاستيراد، والحفاظ على احتياطي القطع الأجنبي، مع استثناء الرؤوس القاطرة، والشاحنات، وآليات الأشغال العامة، والجرارات الزراعية التي لا يتجاوز عمرها 10 سنوات، لدعم قطاعي الزراعة والنقل.
القلق من غياب الرقابة الفنية
رغم الإيجابيات التي طرحها بعض التجار، حذّر قطيني من غياب الرقابة الفنية، مشيرًا إلى أن عمليات البيع والشراء لا تخضع حاليًا لأي فحص رسمي بسبب كثافة الطلب، وهو ما قد يُعرض المستهلكين لخطر اقتناء سيارات غير صالحة فنيًا.
السيارات في السوق.. “خردة”
رامي الحسن، تاجر سيارات آخر في ريف إدلب، اعتبر القرار “في مكانه تمامًا”، مؤكدًا أن السوق غُمر خلال السنوات الماضية بسيارات “خردة” تُباع بأسعار متدنية ولكنها تتسبب بمشكلات كبيرة في الصيانة والسلامة.
ويقول الحسن لمنصة سوريا 24: إن القرار سيقلص السيارات الرديئة، ويحد من استنزاف القطع الأجنبي. إذا أردنا توازنًا اقتصاديًا طويل الأمد، فلا بد من تنظيم السوق بهذا الشكل”.
وتناغمًا مع ذلك، أكد وزير الاقتصاد، في تصريحات سابقة، أن السوق لا يمكنه استيعاب المزيد من السيارات المستعملة في ظل البنية التحتية الحالية، مشيرًا إلى أن عدد المركبات الموجودة كافٍ، وأن التنظيم أصبح ضرورة ملحة.
الأسعار والتوقعات
وبحسب تقديرات التجار، تشهد السوق موجة ارتفاع حادة، إذ تُتداول السيارات المستعملة حاليًا بأسعار تتراوح بين 13 إلى 15 ألف دولار، بينما تُقدّر أسعار السيارات الحديثة بما يفوق 20 ألف دولار، وسط توقعات باستمرار هذا التصاعد نتيجة تزايد الطلب وسباق المواطنين لامتلاك سيارة قبل أن تصبح الأسعار خارج متناول شريحة واسعة من الناس.