شهدت العاصمة دمشق مساء الخميس 3 تموز 2025 حدثًا وطنيًا بارزًا تمثل في إطلاق الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية، وذلك خلال حفل كبير أقيم في قصر الشعب، بحضور شخصيات بارزة من مختلف المحافظات السورية، إلى جانب فعاليات فنية وثقافية تعبّر عن تنوع البلاد ووحدتها.
هوية بصرية منبثقة من الثورة والذاكرة الجمعية
أكد البيان الصحفي الصادر عن وزارة الإعلام أن الهوية البصرية الجديدة ليست مجرد مشروع تصميمي، بل ثمرة جهد وطني طويل يربط بين التاريخ والإرث الثقافي والسياسي السوري. وقد ساهم فيها فنانون ومصممون ومؤرخون عملوا على صياغة هوية تعبّر عن نضالات السوريين، وتحافظ على مبادئ الثورة السورية التي بقيت حية في ضمير الشعب السوري.
هوية بصرية تمزج بين الأصالة والمعاصرة
تأتي الهوية الجديدة كنتاج عمل مؤسساتي وفني طويل، يهدف إلى تحديث الرموز الوطنية السورية وتوحيدها بصريًا على مستوى الدولة والمؤسسات، مع الحفاظ على إرث البلاد التاريخي والسياسي. واعتمدت الهوية الجديدة على لغة تصميم حديثة وتقنيات بصرية متطورة، لتكون معبّرة عن العصر من دون أن تفقد جذورها العميقة.
العقاب الذهبي… بين التاريخ والواقع
يرتكز التصميم الجديد بشكل رئيس على رمز “العقاب الذهبي”، الذي حملته الراية السورية منذ الاستقلال عام 1945، والذي يعود بجذوره إلى التراث العربي الإسلامي، وتحديدًا إلى معركة “قُنيَّة العقاب” التي قادها الصحابي خالد بن الوليد. وقد جاء إعادة توظيف العقاب في الهوية الجديدة ليجسد دلالة الاستمرارية التاريخية ويؤكد الارتباط بين الماضي والحاضر.
تحرر النجوم الثلاثة… تجديد العلاقة مع الشعب
من أبرز التحولات الرمزية في التصميم الجديد، تحرر النجوم الثلاثة من موقعها المقيّد داخل العقاب، لترتقي إلى موقع علوي يعلو رمز الدولة. هذا التحرر البصري يعكس تحولًا سياسيًا في العلاقة بين الدولة والشعب، حيث لم تعد هذه العلاقة قائمة على الهيمنة، بل على التمثيل الشعبي والانخراط الحقيقي في القرار الوطني، لا سيما بعد ما مثّلته ثورة عام 2011 من لحظة سياسية فاصلة في التاريخ السوري الحديث.
هوية تمثل كل السوريين… وحدة الأرض وتعدد المحافظات
اعتمد التصميم الجديد مقاربة جغرافية بصرية تعكس وحدة التراب السوري وتنوعه، حيث مثّلت كل محافظة من المحافظات السورية الأربع عشرة من خلال رموز موازية وموحدة، تعكس مكانتها الجغرافية وأهميتها الوطنية. وتم توزيع المحافظات ضمن خمس مناطق جغرافية متكاملة تشكل خريطة سورية الموحدة، بما يؤكد مبدأ وحدة الأراضي ورفض أي مشاريع تفتيت أو تقسيم.
من “الدولة الأمنية” إلى “الدولة الحارسة”
في تحول لافت في المفهوم السياسي، عبّر البيان الرسمي عن رغبة الدولة السورية في تجاوز نموذج “الدولة الأمنية” الذي هيمن لعقود، واستبداله بمفهوم “الدولة الحارسة” التي تؤمن بالخدمات الأساسية والتنمية المستدامة. وتقوم هذه الرؤية على العدالة الاجتماعية، والمشاركة السياسية، والتوزيع العادل للموارد، بعيدًا عن سياسات القمع والإقصاء التي سادت سابقًا.
الرسائل الخمس للشعار الجديد
يحمل الشعار البصري الجديد خمس رسائل استراتيجية تُلخص فلسفته ورؤيته:
• الاستمرارية التاريخية: ربط واضح مع شعار عام 1945، والتأكيد على الجذور التاريخية والرمزية الموحدة للهوية السورية.
• تمثيل الدولة الجديدة: العقاب هو سوريا الجديدة، دولة حديثة منبثقة من إرادة شعبها.
• تحرر الشعب وتمكينه: تحرر النجوم يرمز إلى انخراط الشعب السوري في القرار الوطني وتحرره من القوالب القديمة.
• وحدة الأراضي السورية: يشير ذيل العقاب المكوَّن من خمس ريشات إلى المناطق الجغرافية.
• عقد وطني جديد: يحدد العلاقة بين الدولة والشعب على أساس الشراكة والمسؤولية المتبادلة.
الهوية البصرية الجديدة كما يقول القائمون عليها ليست مجرد تغيير في الشكل، بل إعلان نوايا نحو دولة تشبه شعبها. إنها دعوة لتجديد العقد الوطني على أسس الشراكة والانتماء والمستقبل المشترك.