في حي العامرية شرقي مدينة حلب، ما تزال الأنقاض القديمة تشكل مشهدًا يوميًا يثقل كاهل السكان، ويعكس حجم الدمار الذي خلفته سنوات القصف والإهمال. وسط هذه الصورة، يتحدث عدد من الأهالي لمنصة سوريا 24 عن معاناتهم، في وقت بدأ فيه الدفاع المدني السوري مشروعًا واسعًا لإزالة الركام من 16 حيًا في شرق المدينة.
علي، أحد سكان الحي، عاد مؤخرًا من لبنان بعد غياب دام ثماني سنوات، وقال: “منذ غادرت، لم يحرك النظام ساكنًا لإزالة شيء من الركام. لم يُنجز أي مشروع، وبقيت الشوارع على حالها. اليوم فقط بدأنا نرى فرق الدفاع المدني تعمل، وهم يقومون بجهد حقيقي.”
عبد اللطيف النجار، وهو بائع حديد صناعي، قال إن المنطقة تعرضت لدمار شامل، وأضاف: “بنيت محلي أكثر من مرة، لكن بعد دخول الفرقة الرابعة، بدأوا بسرقة الحديد من بين الأنقاض. للأسف، لم يرحل نظام الأسد البائد الركام، بل اكتفى بالتعفيش، واليوم فقط نلمس تحركًا فعليًا من فرق الدفاع المدني.”
أما عبد الكريم قدور، فيرى أن الركام المتراكم لا يسبب فقط إغلاق الطرقات، بل يؤدي أيضًا إلى تفشي الحشرات والأمراض، مشيرًا إلى أن هذه البقايا تعود إلى أيام القصف الجوي في عهد النظام السابق، وقال: “نأمل أن تُنظف البلد بشكل حقيقي، والمشروع الحالي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح.”
استجابة لهذا الواقع، أطلق الدفاع المدني السوري مشروعًا لإزالة الأنقاض يغطي 16 حيًا متضررًا في حلب الشرقية، ويُنفذ ضمن خطة مرحلية يقودها عشرات المتطوعين باستخدام آليات ثقيلة وخفيفة. ويشمل العمل أحياء مثل صلاح الدين، الأنصاري، كرم ميسر، جبل بدرو، هنانو، وبستان الباشا، وغيرها من المناطق التي تشكل كثافة سكانية مرتفعة وتضم مرافق عامة كالمستشفيات والمدارس.
المهندس ناصر الياسين، مسؤول المشروع في الدفاع المدني، أوضح لمنصة سوريا 24 أن الأنقاض تُنقل وفقًا لطبيعة القطاع الجغرافي. فالمواد المرفوعة من عدة أحياء تُرسل إلى معمل التدوير في الراموسة، إضافة إلى مواقع في خان طومان وعين العصافير، بينما توجه أنقاض قطاعات أخرى إلى مكب النفايات في عويجة.
وأشار الياسين إلى أن الهدف من المشروع لا يقتصر على تنظيف الطرقات، بل يشمل أيضًا الاستفادة من المواد القابلة لإعادة الاستخدام، حيث تحول بعض الأنقاض إلى منتجات إنشائية مثل البلوك والبلاط والإنترلوك، بالتنسيق مع المجالس البلدية.
وتُقدّر كمية الركام المستهدف إزالته خلال هذا المشروع بأكثر من 105 آلاف متر مكعب، وهو ما يشكل دفعة كبيرة لجهود إعادة الحياة إلى هذه المناطق، وتسهيل عودة السكان إلى منازلهم بعد سنوات طويلة من الغياب.
وبحسب مصادر متقاطعة، فإن 60% من أحياء المدينة الشرقية مدمرة بشكل كامل، وتوزعت بين 8500 منزل مدمر بشكل كامل، و9400 منزل متصدع وبحاجة إلى هدم لاستحالة تدعيمها، بالإضافة إلى أعداد كبيرة قيد دراسة قواعدها الإنشائية للتأكد من سلامتها.
فيما تُقدَّر كلفة إزالة الأنقاض مرتبطة بحجم المتر المكعب، والمقدّر بنحو 4 ملايين متر مكعب من الأنقاض والركام الموجودة في المدينة، سواء كانت مدمرة أو بحاجة إلى تدمير ثم إزالتها، إذ تصل تكلفة المتر المكعب الواحد إلى 5 دولارات، مما يعني تكلفة أولية تصل إلى 12 مليون دولار.