زراعة القطن تنهار في الحسكة: خسائر فادحة وتحذيرات من هجر الأراضي

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تشهد زراعة القطن في محافظة الحسكة تراجعًا غير مسبوق، وسط شكاوى المزارعين من غياب الدعم، وارتفاع التكاليف، واستحالة تسويق المحصول. وفي تصريحات خاصة لـ”سوريا 24″، عبّر عدد من الفلاحين عن معاناتهم، محذرين من أن استمرار هذا الواقع قد يؤدي إلى توقف شبه تام للزراعة في المنطقة.

لا جهة تستلم المحصول والتكاليف خيالية

قال عبد الله الجعابي، أحد سكان بلدة ذبانة، في حديثه لـ”سوريا 24″، إن زراعة القطن تحولت خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى عبء كبير على الفلاحين، خاصة بعد امتناع الإدارة الذاتية عن استلام المحصول. وأضاف: “حتى في حال استلامه، لا تكون التسعيرة عادلة أو مجزية. وفوق ذلك، تم منع تصدير القطن إلى الداخل السوري، ما اضطر كثيرين إلى بيعه للتجار بخسائر فادحة لمجرد التخلص منه”.

وأوضح الجعابي أن تكلفة زراعة عشرة دوانم تبلغ نحو 150 دولارًا للحراثة، و250 دولارًا للأسمدة، في حين ارتفع سعر كيلوغرام بذار القطن إلى 50 ألف ليرة سورية، ويتطلب كل عشرة دوانم نحو 25 كيلوغرامًا. كما أشار إلى ضرورة تأمين المبيدات والمازوت بسعر السوق الحرة، بسبب غياب التوزيع المدعوم، إلى جانب أجور العمال، وهو ما يجعل الزراعة “خاسرة بكل المقاييس”، على حد تعبيره.

نخسر كل عام أكثر من سابقه

من جهته، قال عبد القادر، وهو فلاح من قرية التنورية بريف القامشلي الشرقي، في تصريح لـ”سوريا 24″، إن المزارعين باتوا يزرعون القطن وسط ظروف شديدة الصعوبة، مؤكدًا أن “المازوت المدعوم لا يصل بالكميات الكافية، وغالبًا ما يتم تسليمه في وقت متأخر، مما يضطر المزارعين إلى شرائه بسعر حر يبلغ 6200 ليرة سورية للتر الواحد”.

وأشار عبد القادر إلى غياب كامل للدعم من المؤسسات الزراعية، وانعدام أي تواصل أو حوار مع المزارعين. وأضاف: “كنا نزرع القطن لأنه محصول استراتيجي له قيمة وكان يُستلم منا، أما اليوم فنزرعه ونحن غير متأكدين إن كان أحد سيشتريه أو سيضيع جهدنا سدى”.

وأوضح أن الأسمدة غير متوفرة بشكل دائم، وإن توفرت فلا توجد ضمانات حول جودتها، مما يجعل الموسم معرضًا للخسارة. كما أن ارتفاع أسعار البذار والمستلزمات دون أي تعويضات يجعل القطن “مشروعًا خاسرًا”، دفع بالكثير من الفلاحين إلى التوقف عن زراعته.

تراجع مقلق في المساحات المزروعة

وذكر مراسل “سوريا 24” أن الإدارة الذاتية لم تستلم أي كمية من القطن خلال الموسم الزراعي الماضي، ما أجبر المزارعين على بيع محاصيلهم للتجار بأسعار بخسة. وأضاف أنه، وخلال جولة ميدانية على الطريق بين عامودا والقحطانية مرورًا بالقامشلي (مسافة تُقدَّر بنحو 45 كم)، لم يتم رصد أكثر من عشرة حقول مزروعة بالقطن، وهو مؤشر خطير على مدى التراجع.

دعوات لتدخل عاجل قبل فوات الأوان

الفلاحون الذين تحدثوا لـ”سوريا 24″ أجمعوا على أن استمرار هذا الوضع دون تدخل جاد من الجهات المعنية سيؤدي إلى هجر الأراضي الزراعية، وانهيار هذا القطاع الحيوي بشكل كامل. وحذروا من أن القطن، الذي شكّل لعقود ركيزة اقتصادية في المنطقة، قد يختفي تمامًا من خارطة الزراعة إذا لم تُقدَّم حلول حقيقية ودعم فعلي يخفف عنهم الأعباء.

مقالات ذات صلة