تعاني منطقة رأس العين، الواقعة على الحدود السورية التركية التابعة لمحافظة الحسكة، أزمةً متفاقمة في قطاع تربية المواشي بسبب مجموعة من العوامل الاقتصادية والبيئية. فقد شهدت المنطقة انخفاضًا كبيرًا في أسعار المواشي، في ظل حصار بري مفروض من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تحيط بالمنطقة من ثلاث جهات، وجفاف متواصل أثّر في الموارد الطبيعية، وارتفاع كبير في أسعار الأعلاف الأساسية، بما فيها القمح والشعير والتبن، التي تشكّل المصدر الرئيسي لعلف المواشي.
انهيار الأسعار وسط تكاليف مرتفعة للعلف
أوضح أحد تجار المواشي في سوق “الماكف” قرب مدينة رأس العين، في تصريح لمنصة سوريا 24، أن أسعار المواشي تراجعت بشكل كبير، قائلًا: “أسعار الغنم اليوم تتراوح بين 75 و200 دولار، والبقر بين 600 و1200 دولار، لكن أسعار الأعلاف مثل الشعير والحنطة والتبن مرتفعة بشكل كبير. الشعير بين 320 و330 دولارًا، والحنطة بين 400 و450 دولارًا، والتبن وصل إلى 150 دولارًا، وهو سعر مرتفع جدًا مقارنة بالسنوات الماضية.”
وأضاف التاجر: “الوضع صعب جدًا، الأسواق شبه متوقفة، والمربّون يعانون من خسائر كبيرة بسبب هذه التناقضات.”
الحصار والقيود تحدّ من الحركة التجارية
رغم وجود معبر حدودي لمنطقة رأس العين مع تركيا، فإن التصدير إلى تركيا غير متاح نهائيًا. كما أن الحصار المفروض من قبل قوات قسد على المنطقة من ثلاث جهات يمنع وصول المربين إلى الأسواق الداخلية في باقي المحافظات السورية، ما يحول دون تسويق منتجاتهم. هذه العزلة التجارية تحوّل المنطقة إلى جزيرة اقتصادية مغلقة تعاني ركودًا شديدًا.
ارتفاع تكلفة ضمان الأراضي والرعي
كانت الأراضي الزراعية المحصودة (القمح والشعير) توفّر مراعي طبيعية منخفضة التكلفة بعد الحصاد، لكن ارتفاع أسعار ضمان الأراضي الزراعية جعل من الصعب استخدامها للرعي، الأمر الذي دفع المربين إلى الاعتماد بشكل أكبر على الأعلاف التجارية المكلِفة، ما زاد من أعباء الإنتاج.
شكاوى المربين: تراجع الأسعار وغلاء الأعلاف
بدوره، أكّد أبو خالد، مربي أغنام من رأس العين، في تصريح لمنصة سوريا 24: “الأسعار الحالية للمواشي لا تغطي حتى تكاليف العلف، والتبن والقمح والشعير أصبحت أسعارها مرتفعة بشكل غير مسبوق. في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار الغنم والبقر، نجد أنفسنا أمام كلفة إنتاج مرتفعة لا تتحمّلها ميزانيتنا.”
وأضاف المربي: “الوضع يجعلنا نفكر جديًا في ترك المهنة، لأننا نخسر باستمرار، ولا توجد حلول واضحة حتى الآن.”
دعوات عاجلة للدعم
يدعو مربّو المواشي في رأس العين إلى تدخل فوري من الجهات المحلية لكسر الحصار وتوفير منافذ تسويقية، بالإضافة إلى تقديم دعم مالي وعيني لتوفير الأعلاف بأسعار مناسبة، والحفاظ على الثروة الحيوانية التي تمثّل مصدر دخل رئيسيًا لعدد من الأهالي.