شهدت مدينة حمص وريفها مؤخراً حالة من الجمود في سوق بيع وشراء العقارات، في ظل ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات، ما أدى إلى تفاقم الأزمة السكنية التي يعاني منها عدد كبير من النازحين والعائدين من مناطق مختلفة في المدينة وريفها.
وفي الوقت الذي تبدو فيه حركة السوق العقاري في حالة توقف شبه تام، بدأت مؤخراً إشارات إيجابية، خاصة مع الإعلان عن استثمارات سعودية ضخمة في سوريا، منها مشروع سكني تجاري بقيمة مليار دولار في حمص.
جمود في السوق وارتفاع في الإيجارات
أكد عدد من سكان حمص وريفها، ومنهم حازم بويضاني في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن هناك “نوعًا من الجمود” في أسعار العقارات في مناطق مختلفة من المحافظة، بعد الأحداث الأمنية الأخيرة في السويداء، ما أدى إلى توقف شبه كلي في عمليات البيع والشراء.
أما من ناحية الإيجارات، فقد شهدت الأسعار ارتفاعًا كبيرًا، بحيث أصبح من الصعب على كثيرين الحصول على مساكن للإيجار، خصوصًا في المناطق الحضرية.
وأوضح أن الإيجار في المناطق الريفية يتراوح بين 500 ألف ليرة ومليون ليرة سورية شهريًا، أما في المناطق العادية من حمص، فيتراوح الإيجار بين مليون وليرتين شهريًا.
ويتراوح الإيجار في المناطق الراقية بين 300 و500 دولار أمريكي، مع دفع الإيجار سنويًا في معظم الحالات.
وأشار بويضاني إلى أن الأسباب الرئيسية وراء هذا الارتفاع تشمل نقص العرض بسبب الدمار الذي لحق بالمدينة، والعودة المكثفة للنازحين من المناطق الشمالية، وضعف الاستثمار في البناء والتطوير.
وأوضح أن من لم يجد سكنًا يلجأ إلى العيش لدى أقاربه، وخاصة في مناطق الريف الشمالي لحمص، أو إلى شراء “كرفانة” بسيطة بحوالي 600 دولار، وهي عبارة عن غرفة صغيرة مع منافعها، وغالبًا ما تكون الأرض ملكًا لصديق أو قريب.
الاستثمار السعودي: إشارة أمل لإنعاش السوق
وفي وقت يبدو فيه السوق العقاري في حالة ركود، بدأت إشارات جديدة تلوح في الأفق، خاصة مع بدء فعاليات “المنتدى الاستثماري السوري السعودي”، أمس الخميس، في دمشق، بحضور وزراء ورجال أعمال من البلدين.
وأكد وزير الاستثمار السعودي أن بلاده “ستعمل بشكل متكامل مع سوريا لتعزيز التعاون الاقتصادي”، مشيدًا بـ”الخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية لتحسين مناخ الاستثمار”.
كما أعلن أن شركة “بيت الإباء” السعودية ستوقع اتفاقية لمشروع سكني تجاري في حمص بقيمة مليار دولار، ما يُعد دافعًا جديدًا للنشاط الاستثماري في المدينة.
ترقب لتأثير الاستثمار السعودي
من جانبه، أوضح الدكتور سليم طه، عضو لجان الأحياء في مدينة تلبيسة، أن الحركة في السوق العقاري ما زالت ضعيفة، ويعود ذلك إلى “ضعف السيولة وقلة رؤوس الأموال القادرة على الاستثمار”.
وأشار في حديث لمنصة سوريا ٢٤ إلى أن الاستثمار السعودي يُنظر إليه كـ”إشارة قوية على تحسن الوضع”، مؤكدًا أن “رأس المال السعودي هذه المرة يبدو شجاعًا، في وقت كان يُنظر إليه سابقًا على أنه جبان”.
وأضاف: “الناس الآن يفكرون بالعقل، ومن يفكر بالعقل لا يستثمر حاليًا، لكن نأمل أن تكون هذه خطوة حقيقية نحو تحول جدي وسريع في النهوض الاقتصادي”.
العقبات الحكومية: توقف دوائر الطابو الأخضر
من جهته، رأى الناشط الميداني ومن سكان ريف حمص الشمالي، ليث البكور، أن المنطقة “مقبلة على حركة نشطة في سوق العقارات”، لكنه أشار إلى أن العائق الأكبر يكمن في “توقف دوائر الطابو الأخضر”، وهي الدوائر الحكومية المختصة بالمعاملات العقارية، والتي ما زالت متوقفة منذ تحرير المناطق.
وقال البكور في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “هذه الدوائر هي العمود الفقري لأي حركة عقارية حقيقية، ولا يمكن الحديث عن نشاط حقيقي في السوق ما دامت هذه الدوائر متوقفة”.
حركة مرتقبة في السوق
وعلى الرغم من التحديات، يُتوقع أن تبدأ أسعار العقارات بالتحسن مع توفر العروض الجديدة، حيث تُقدَّر أسعار الشقق حاليًا بحوالي 200 دولار لكل متر في المناطق العادية بريف حمص الشمالي، مع تفاوت حسب الموقع والتشطيب.
ووسط كل ذلك، تُعد الاستثمارات السعودية، خصوصًا ما يتعلق بالمشاريع السكنية الضخمة، نقطة تحول محتملة في المشهد، لكن لنجاح هذه المشاريع وتحقيق التأثير المرجو، من الضروري تسريع الإجراءات الحكومية وتفعيل الدوائر المختصة، لتوفير البيئة المناسبة لعودة الثقة والاستثمار في القطاع العقاري