تتواصل موجة الحر القاسية التي دخلت يومها السابع في سوريا، مسجلة درجات حرارة قياسية تجاوزت 44 درجة مئوية في بعض المناطق، خاصة في الشمال الشرقي من البلاد، ما تسبب بخسائر بشرية ومادية، طالت هذه المرة قطاع تربية الدواجن شمال غرب سوريا، ولا سيما في محافظة إدلب التي تُعد من أبرز مناطق الإنتاج المحلي للدجاج.
مربو الدواجن في ريف إدلب تحدثوا عن خسائر كبيرة في أعداد الطيور خلال الأيام القليلة الماضية، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة داخل المزارع، وسط ضعف في التهوية، وشح وسائل التبريد، وانقطاع التيار الكهربائي، مما حول الحظائر إلى بيئة خانقة وخطرة على صحة الطيور.
قال الطبيب البيطري محمد الأسعد، وهو مشرف على عدة مزارع للدواجن في المنطقة، إن موجة الحر الشديدة التي تضرب شمال غرب سوريا انعكست بشكل مباشر وسلبي على قطعان الدواجن، مشيرًا إلى أن الارتفاع الكبير في درجات الحرارة تسبب بحالات إجهاد حراري وانخفاض في المناعة لدى الطيور، ما أدى إلى نفوق أعداد كبيرة منها في عدد من الحظائر.
وأوضح الأسعد في حديثه إلى “سوريا 24” أن معظم الحظائر في المنطقة هي حظائر مفتوحة وغير مجهزة بأنظمة تبريد فعالة، ما جعلها غير قادرة على حماية الدواجن من التأثر بالحر الشديد. وأضاف: “الحرارة المرتفعة سببت اضطرابات في أداء الطيور وتراجعًا في مقاومتها، ما أجبر كثيرًا من المربين على تسويق الدجاج في أعمار مبكرة وغير مكتملة، تفاديًا لخسائر أكبر نتيجة تفاقم الإجهاد الحراري.”
سجلت الفترة القليلة الماضية نفوقًا واسعًا في مزارع صغيرة ومتوسطة الحجم، خاصة تلك التي لا تحتوي على أنظمة تبريد أو تهوية كافية. فالطيور لا تحتمل درجات الحرارة المرتفعة، ومع ضعف التهوية تصبح أكثر عرضة للجفاف والاختناق، ما يؤدي إلى حالات نفوق مفاجئ.
وأضاف الطبيب أن الخسائر المالية تتفاوت من مزرعة لأخرى، لكنها قد تصل في بعض الحالات إلى فقدان كامل القطيع، خصوصًا لدى المربين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الطاقة البديلة، مثل تشغيل المراوح أو أنظمة الرذاذ بالماء.
يُذكر أن هذه الخسائر تأتي في وقت حرج يشهد فيه السوق المحلي تراجعًا في المعروض وارتفاعًا في أسعار الفروج والبيض، ما يزيد الضغط على المستهلكين في ظل أوضاع معيشية صعبة.
وحذرت الأرصاد الجوية السورية، ضمن نشرتها اليومية، من التعرض لأشعة الشمس المباشرة في ساعات الظهيرة، خصوصًا في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية، تفاديًا لما يعرف بـ “ضربة الشمس”، مع دخول الموجة الحارة يومها السابع. وأضافت أن عدد الوفيات في سوريا بلغ حتى الآن أربعة أشخاص، بسبب موجة الحر القاسية التي تتركز في شمال شرق البلاد.
في ظل استمرار هذه الظروف، يطالب مربو الدواجن في إدلب المنظمات الداعمة والجهات المسؤولة بتقديم مساعدات طارئة لإنقاذ ما تبقى من القطعان، كوسائل تبريد، وخزانات مياه إضافية، وألواح طاقة شمسية لتحريك أنظمة التهوية في ساعات الذروة.