كفر زيتا: مبادرة تطوعية تعليمية تعيد الأمل لأكثر من 300 طالب

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

أطلق فريق النور التطوعي في كفرزيتا بريف حماة مبادرة وطنية تطوعية بعنوان “صيف الإنجاز”، استهدفت دعم وتعليم 325 طالبًا وطالبة من مختلف المراحل الدراسية.

يأتي ذلك في إطار جهود مستمرة لتعزيز التعليم المجتمعي ومحاربة الانقطاع الدراسي في المناطق التي تأثرت بالأزمة لسنوات طويلة.

وتُعد المبادرة، التي تمتد على مدار ثلاثة أشهر متواصلة خلال العطلة الصيفية، واحدة من أبرز المبادرات التعليمية التطوعية في المنطقة، حيث تُقدَّم بالكامل بجهود تطوعية بحتة من أعضاء الفريق والكوادر التعليمية الشابة، دون أي مقابل مادي، بالتعاون الوثيق مع اللجنة المجتمعية في كفرزيتا، التي لعبت دورًا محوريًا في تنظيم الفصول وتأمين المساحات التعليمية.

تعويض الفاقد التعليمي ودمج المنقطعين

وتسعى المبادرة إلى سد الفجوة التعليمية التي خلّفتها سنوات من النزاع، وانقطاع آلاف الأطفال عن مقاعد الدراسة، سواء بسبب تدمير المدارس، أو اضطرار الأسر إلى ترحيل أبنائها، أو الحاجة إلى دعم نفسي وتعليمي خاص.

وأشارت نور الفرج، مديرة الفريق في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن المبادرة تشمل طلابًا من الصف الرابع حتى الثامن، إضافة إلى فئات من طلاب الشهادة الإعدادية (التاسع) والبكالوريا (الثالث الثانوي)، بهدف دعمهم أكاديميًا ونفسيًا استعدادًا للعام الدراسي الجديد أو لامتحاناتهم الوطنية.

لكن الأبرز في المبادرة هو شعبة التأسيس الخاصة، التي تم تخصيصها للأطفال المنقطعين عن الدراسة، ولا سيما أولئك العائدين من تركيا أو من مناطق نزوح، والذين فقدوا سنوات دراسية كاملة.

وتهدف هذه الشعبة إلى ردم الفجوة التعليمية، وتقديم تعليم أساسي في المواد الأساسية مثل اللغة العربية، والرياضيات، والعلوم، وتهيئة الأطفال نفسيًا وتعليميًا للاندماج مجددًا في النظام المدرسي الرسمي.

وقالت نور الفرج: “صيف الإنجاز ليس مجرد دورة صيفية، بل هو مشروع تربوي إنساني، ونحن نعمل على تعويض ما سُلب من هؤلاء الأطفال بسبب الظروف”.

وتابعت: “نريد أن نعيد إليهم ثقتهم بأنفسهم، وبإمكانية التعلم، وبأن المستقبل ما يزال ممكنًا. كل طفل يعود إلى الكتاب هو انتصار صغير، لكنه يصنع فرقًا كبيرًا في مسار حياة أسرة بأكملها”.

تعليم مجاني في ظل شح الموارد

ورغم التحديات الكبيرة، مثل نقص الكتب، والوسائل التعليمية، وغياب البنية التحتية الملائمة، فإن الفريق نجح في تأسيس فصول دراسية مؤقتة في مراكز مجتمعية، واستخدام مواد تعليمية مبتكرة، واعتماد مناهج تفاعلية تراعي الخلفيات النفسية والتعليمية المتنوعة للطلاب.

وأكدت الفرج أن كل معلم ومعلمة في المبادرة يعملون تطوعًا، دافعهم الأساسي هو الإيمان بأن التعليم هو السبيل الوحيد للنهوض المجتمعي، مشيرةً إلى أن “الجهد لا يُقاس بالمال، بل بالتأثير. ما يُفرحنا ليس عدد الطلاب، بل نظرة الفرح في عيون طفل قال: ‘اليوم فهمت'”.

تفاعل مجتمعي وامتنان واسع

وقد لاقى المشروع استجابة واسعة من الأهالي والطلاب، الذين عبّروا عن امتنانهم للجهود التطوعية التي أنقذت فصلًا صيفيًا كان قد يُهدر في الشوارع أو داخل بيوت بلا أفق تعليمي.

وأعرب سليم المرعي، أحد أهالي كفرزيتا، عن فخره بما يجري في مدينته، وقال:

“بكل صدق، أعتبرها من أروع المبادرات التي شفتها بالفترة الأخيرة، ليس لأنها مجانية، بل لأنها تحاول تعوّيض جيل كامل عن سنين من الانقطاع والدمار”.

وزاد بالقول في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “عشرات الأطفال يتعلمون بلا مقابل، وبجهد أناس متطوعين، وهذا يعطي أملاً بأنه ما زال هناك أشخاص تؤمن بالعلم وبالمستقبل”.

وأضاف: “رغم كل الظروف الصعبة، أهل كفرزيتا يثبتون أنه من الممكن البدء من لا شيء ومن الممكن أن نصنع فرقاً حقيقياً، ومن هنا ورغم شح الإمكانات فإن فكرة المبادرة لوحدها كافية بأن تشجع كل شخص للمساهمة فيها”.مبادرة مجتمعية بكوادر مختصة

من جانبه قال عبد الناصر حوشان، رئيس مجلس مدينة كفر زيتا في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “المبادرة مجتمعيّةً بامتياز، يقودها شباب ومدرسون متطوعون من أبناء مدينة كفر زيتا، وتستهدف دعم الطلاب من مختلف المستويات التعليمية. تشمل المبادرة عدة مراحل، تبدأ باستقبال الطلاب العائدين من تركيا، أو أولئك الذين يفتقرون إلى الإلمام باللغة العربية، بهدف تأسيس معرفتهم بها بشكل سليم”.

وتابع: “كما تُغطي المبادرة طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، من خلال برامج تقوية أكاديمية تهدف إلى رفع مستواهم التعليمي وسد الفجوات المعرفية”.

ويتكوّن الكادر التدريسي بالكامل من مختصين مؤهلين، ما يضمن جودة التعليم المقدَّم، في حين تستمر المبادرة حتى بداية العام الدراسي الجديد، وهي تنفذ بدعم ورعاية من مديرية التربية في محافظة حماة، حسب ما ذكر حوشان.

رسالة أمل في زمن القسوة

“صيف الإنجاز” ليست مجرد مبادرة تعليمية، بل رسالة أمل تُرسلها مجموعة من الشباب المتطوعين إلى مجتمع بأكمله: أن التعليم لا يزال ممكنًا، حتى في أقسى الظروف. وأن مستقبل الجيل القادم لا يُبنى بالحروب بل بالعلم والتعلم.

مقالات ذات صلة