أكد مدير الاتصالات في محافظة طرطوس، عبد القادر طه يوسف، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، على أن السرقات المتكررة لكابلات النحاس والتجهيزات الكهربائية تمثل تحديات كبرى أمام الاستقرار الدائم لخدمة الاتصالات في المنطقة.
ترقب تحويل الأقوال إلى أفعال ملموسة
ويترقب المواطنون في طرطوس أن تتحول هذه الوعود إلى واقع ملموس، لا سيما مع بدء تنفيذ مشاريع الألياف الضوئية والاتصالات اللاسلكية، والتي قد تمثل، بحسب المراقبين، “نقطة تحول حقيقية” في مستقبل الاتصالات بالساحل السوري.
وقال عبد الله الأحمد، من سكان طرطوس في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “إن التوسع في عدد البوابات يُعد من أولويات المواطنين الأكثر إلحاحًا، فالطلب عليها كبير جدًا، والشركة بدأت باتخاذ خطوات لتلبية هذا الطلب، ونأمل أن نتمكن من إرضاء جميع الأطراف وتحويل الأقوال والخطط إلى واقع ملموس”.
وتابع: “أما بالنسبة لجودة الاتصالات، فهي مقبولة نسبيًا في المحافظة بشكل عام، لكن حالة الإنترنت سيئة جدًا، وخاصةً الإنترنت الأرضي الذي وصل سوؤها إلى أقصى حد. هناك مناطق يدفع سكانها فواتير الاتصالات بشكل منتظم دون أن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمة أصلًا، خصوصًا في القرى، حيث يسدد الأهالي اشتراكاتهم شهريًا دون أن تصل إليهم الخدمات الفعلية”.
ولفت إلى أن شبكة الهاتف الأرضي من تردٍ شديد، تظهر فيه انقطاعات متكررة، إضافة إلى أن بعض العلب الكهربائية الواصلة لمداخل المباني باتت قديمة وتحتاج إلى استبدال عاجل، وفي مناطق أخرى، لا توجد بوابات إطلاقًا، ما يضطر السكان إلى شراء بوابات خاصة من السوق الحر بأسعار مرتفعة جدًا، وهو ما يشكّل عبئًا إضافيًا عليهم، حسب تعبيره.
مكافحة الفساد وتحسين جودة الخدمات
بدوره أشار طه يوسف، إلى سلسلة إجراءات تصحيحية وتطويرية طالت مفاصل مهمة في الفرع، في إطار مكافحة الفساد وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وذكر طه يوسف أن القطاع شهد خلال الفترة الماضية “مستويات مقلقة من التسيب والفساد الإداري والفني”، خصوصًا في ما يتعلق بعقود الصيانة، وتوزيع الخدمات، وإدارة الشبكات، ما أدى إلى تدهور ملحوظ في جودة الإنترنت والاتصالات، وانقطاعات متكررة، وشكاوى متزايدة من المواطنين.
وأوضح أن الفرع بدأ بتنفيذ خطة شاملة لإصلاح الوضع، بدأت بتشخيص دقيق للخلل، وتتبع مسارات الهدر، وإعادة هيكلة العمل الداخلي، بدعم من الإدارة المركزية في وزارة الاتصالات والتقانة.
تحسينات ملموسة في جودة الخدمة
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت جودة الإنترنت والاتصالات قد تحسّنت فعلاً في طرطوس، أكد يوسف أن “التحسن بدأ يظهر جليًا”، لافتاً إلى أن الخطة التي تم إطلاقها تضمنت “صيانة وترميم الشبكات النحاسية في جميع المراكز الاتصالية، وإعادة تنظيم التوصيلات، وربط العقد بشكل فني دقيق”.
وأضاف: “هذا العمل أدى إلى تحسن ملحوظ في استقرار الإشارات وسرعة الإنترنت، كما انخفضت شكاوى الانقطاعات، وتحسّنت سرعة الاستجابة للبلاغات الفنية”.
وبيّن أن هذه الخطة “مستمرة، وستُسهم في تحسينات إضافية على المدى القريب”، موضحًا أن “المواطن سيشعر بالفرق من خلال سرعة إصلاح الأعطال، وثبات الاتصال، وزيادة سرعة التصفح”.
موقف الانقطاعات المتكررة: متابعة فنية دقيقة
وفيما يتعلق بانقطاعات الإنترنت المتكررة، أكد مدير الاتصالات أن “المشكلة كانت تكمن في تدهور البنية التحتية، خصوصًا في المناطق القديمة التي تعتمد على كابلات نحاسية قديمة، إضافة إلى تعرّض الشبكات للسرقة المتكررة”.
وأوضح أن “الفرع يقوم حاليًا بفحص دقيق لجميع محددات جودة الخدمة، وتحديد النقاط الحرجة، واتخاذ إجراءات فنية عاجلة لمعالجتها”.
ونبّه إلى أن “الفرق الفنية تعمل على مدار الساعة، وتُتابع المؤشرات الفنية بشكل يومي، بما يضمن استقرار الخدمة وتقليل الانقطاعات”.
مكافحة الفساد: الأتمتة كضمانة ضد التلاعب
وأجاب يوسف عن سؤال حول ضمانات عدم تكرار مشكلات التلاعب في العقود، قائلًا: “تم تفعيل الأتمتة الكاملة في تقديم الخدمات للمواطنين، من طلبات توصيل، إلى إصلاحات، إلى فواتير، وكل ذلك تحت إشراف إدارة الفرع مباشرة”.
وأضاف: “هذه الخطوة تقلل من التدخل البشري، وتمنع التلاعب، وتوفر شفافية كاملة في الإجراءات، ما يضمن عدالة في توزيع الخدمة، ويقلل من فرص الهدر والفساد”.
وأكد أن “الرقابة الداخلية تعززت، وتم إدخال نظام تتبع دقيق لكل عملية صيانة أو توصيل، مع توثيق إلكتروني كامل، ما يجعل أي محاولة للتلاعب قابلة للكشف فورًا”.
الألياف الضوئية والريف في أولويات التوسع
وفيما يتعلق بالخطط المستقبلية، أعلن يوسف عن “توسع كبير في نشر شبكة الإنترنت عبر الألياف الضوئية”، مشيرًا إلى أن “العمل جارٍ لتمديد الكابلات الضوئية إلى مناطق جديدة في المدينة، فضلًا عن تعزيز التغطية في المناطق التي تم ربطها سابقًا”.
وأوضح أن “الألياف الضوئية توفر سرعات أعلى، واستقرارًا أكبر، وموثوقية تفوق بكثير الشبكات النحاسية التقليدية”.
أما بالنسبة للمناطق الريفية التي تعاني من ضعف التغطية، فأكد أن “الفرع يضعها ضمن أولوياته”، وقال: “توجد خطط مستقبلية لاستخدام تجهيزات تعتمد على تقنيات الاتصالات اللاسلكية الحديثة، مثل تقنيات الـ WiMAX والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، بهدف توفير خدمة إنترنت جيدة في جميع المناطق الريفية، خصوصًا تلك التي تشهد اختناقات في البنية التحتية”.
وأشار إلى أن “التعاون مع الجهات المركزية مستمر لتأمين التمويل والدعم الفني اللازم لهذا التوسع”، مؤكدًا أن “الهدف هو تحقيق عدالة رقمية، بحيث لا يُستثنى أي مواطن من خدمة اتصالات حديثة ومستقرة”.
السرقات تمثل تهديدًا دائمًا
لكن يوسف لم يخفِ التحديات التي تواجه الفرع، موضحًا أن “السرقات المتكررة لكابلات النحاس والتجهيزات الكهربائية تمثل عقبة كبرى أمام الاستقرار الدائم للخدمة”، وقال: “نخسر كل شهر آلاف الليرات، ونضطر لإعادة تأهيل شبكات بأكملها بسبب السرقة، ما يرهق الموارد ويبطئ من وتيرة التحسينات”.
ودعا الجهات المعنية إلى “تكثيف الرقابة الأمنية على خطوط الشبكة، وفرض عقوبات رادعة بحق السارقين”، مشددًا على أن “السرقة لا تضر الدولة فقط، بل تؤثر مباشرة على حياة المواطنين”.
مرحلة انتقالية نحو الأفضل
في المحصلة، تشير التصريحات إلى أن قطاع الاتصالات في طرطوس يمر بمرحلة انتقالية مهمة، تجمع بين الإصلاح الإداري، والتطوير التقني، ومكافحة الفساد.
وإن كانت التحديات لا تزال كبيرة، إلا أن الخطوات المعلنة توحي بوجود نية حقيقية لإحداث تغيير جذري، يُترجم في النهاية بخدمات أفضل، وشفافية أعلى، ووصول أوسع، خصوصًا في المناطق التي طالما تُهمّشت في خطط التحديث.