كفر حمرة بريف حلب… بلدة تحاول النهوض رغم ضعف الإمكانيات

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

يصف رمضان خليل، أحد أبناء بلدة كفر حمرة الواقعة بريف حلب الشمالي، لحظة عودته إلى قريته بأنها “حلم طال انتظاره”. فبعد غياب دام خمس سنوات، تنقّل خلالها بين مدينة مارع في ريف حلب وبلدة حزرة في ريف إدلب، عاد أخيرًا إلى مسقط رأسه عقب سقوط نظام الأسد.

يقول لمنصة سوريا 24: “رممت المنزل على نفقتي الخاصة، وجهزت ما يلزم للإقامة فيه، واستمر العمل نحو شهرين”.

ويضيف بأسى: “رغم الوعود الكثيرة، لم أتلقَ أي ليرة من المنظمات التي أعلنت أنها ستساعد السكان العائدين وتدعمهم في ترميم منازلهم”.

اليوم، يعتمد رمضان على مدخراته الشخصية التي حصل عليها بعد بيع قطعة أرض صغيرة ورثها عن والده، فيما تبقى الحركة الزراعية ضعيفة، والنشاط الصناعي شبه غائب، والمياه تصل مرة واحدة كل ثلاثة أسابيع، والطرق متهالكة، والكهرباء غائبة، ما يضطر الأهالي للاعتماد على الطاقة الشمسية.

ويوجه رمضان رسالة واضحة بضرورة دعم الأهالي لتمكينهم من إعادة ترميم منازلهم، داعيًا الجميع إلى العودة إلى قراهم على أمل أن تتحسن أوضاع البلاد.

جهود أهلية للتغلب على الواقع

على صعيد إدارة البلدة، أوضح عبد الإله أبو القاضي، القائم بأعمال المجلس المحلي، أن تسيير شؤون كفر حمرة يتم حاليًا عبر لجنة محلية من شباب متطوعين، وبجهود فردية ومبادرات خاصة، في ظل دمار يقدَّر بـ 75% من المنازل والبنى التحتية.

ويقول لمنصة سوريا 24 إنه من أصل 11 مدرسة كانت قائمة قبل النزوح، تعمل مدرستان فقط، بينما تحتاج ثماني مدارس إلى الترميم ومدرسة واحدة إلى إعادة البناء.

ويبلغ عدد السكان الحالي نحو 1,410 أشخاص من أصل 1,700 كانوا يعيشون في البلدة قبل النزوح. ويواجه المجلس المحلي تحديات كبيرة، أبرزها نقص الدعم المالي وصعوبة الحصول على آليات للعمل، إضافة إلى عدم فصل البلدة إداريًا عن مدينة حريتان، ما يحدّ من قدرته على التخطيط والتنفيذ.

حاليًا، تتبع كفر حمرة إداريًا لبلدية حريتان، بينما يتم التنسيق في الشؤون التنموية مع دارة عزة.

من بين الخطط المستقبلية التي يضعها المجلس، كما يقول المسؤول المحلي، أنه يسعى لفصل البلدة عن حريتان وتأسيس بلدية خاصة بها، والعمل على نهضة شاملة للمنطقة.

أما في مجال الخدمات، فيجري العمل على مشروع لإعادة الكهرباء مع نهاية العام، وهناك فرن احتياطي لتأمين الخبز، لكن المياه القادمة من حلب قليلة جدًا، وشبكات الصرف الصحي وخطوط المياه بحاجة ماسة إلى الصيانة.

حتى الآن، لا توجد مشاريع لتحسين الطرق أو البنية التحتية، ولا تدخلات فعّالة من المنظمات الإنسانية، باستثناء عمليات تقييم الاحتياجات.

في التعليم، تعمل حاليًا مدرستان فقط (ابتدائية وإعدادية)، بينما يضم القطاع الصحي مستوصفًا واحدًا غير كافٍ، إضافة إلى عيادة متنقلة تزور البلدة مرة واحدة أسبوعيًا. ويعاني القطاع من نقص حاد في الكوادر والمعدات الطبية، رغم أن الوضع الأمني يوصف بالممتاز.

ويؤكد أبو القاضي أن الاحتياجات العاجلة تشمل أغطية لفتحات الصرف الصحي، وحاويات قمامة، ومحروقات، ودعمًا لمشاريع صغيرة تساعد الأسر على تأمين دخل مستدام. ويرى أن أبناء البلدة المقيمين في الخارج هم الداعم الأبرز ماديًا، داعيًا إياهم إلى المساهمة بشكل أكبر في تمويل المشاريع والخدمات التي تفتقر إليها كفر حمرة.

ويختم أبو القاضي برسالة واضحة: “من ينتظر حضور المنظمات لترميم بيته، عليه أن ينتظر طويلًا.. المدينة لا تنهض إلا بأهلها، وكفر حمرة شعبها جبار ويحب العمل، ولا يتكل على غيره”، وأن “يد الله مع الجماعة، وعلينا أن نعمل يدًا بيد لنعيد الحياة إلى هذه البلدة”.

كفر حمرة.. موقعها وانخراطها في الحراك الثوري

تقع كفر حمرة في الريف الشمالي الغربي لمدينة حلب، على مسافة قصيرة من مركزها، وتمتاز قبل عام 2011 بطابعها الزراعي وبساتين الزيتون وورشات حجر البناء، إضافة إلى قربها من الأحياء الحضرية. سكانها ينتمون لعائلات ممتدة، وكانت ترتبط اقتصاديًا واجتماعيًا بمدينة حلب.

مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، بقيت البلدة تحت سيطرة النظام فترة قصيرة، قبل أن تنتقل منتصف 2012 إلى فصائل الجيش السوري الحر، لتصبح إحدى بوابات المعارضة نحو أحياء حلب الغربية. موقعها الاستراتيجي جعلها محورًا للمعارك والقصف، خاصة بعد 2013، حين رسخت المعارضة وجودها بقيادة فصائل أبرزها لواء التوحيد.

خلال أعوام 2013-2016، بقيت البلدة في قبضة المعارضة، لكنها تعرضت لضغط عسكري متزايد مع تقدم قوات النظام في معركة حلب أواخر 2016، لتصبح على خط تماس مباشر. وفي 2019، ومع إعادة بسط النظام سيطرته على كامل مدينة حلب وأجزاء واسعة من ريفها، دخلت قواته إلى كفر حمرة مدعومة بميليشيات موالية، أبرزها مجموعات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله، ما أدى إلى نزوح معظم السكان وتحول البلدة إلى منطقة شبه خالية.

منذ 2020، استقر الوضع الأمني تحت سيطرة النظام، مع بقاء نفوذ القوات الرديفة. وبدأ بعض السكان بالعودة تدريجيًا، لكنهم يواجهون دمارًا واسعًا وضعفًا شديدًا في الخدمات الأساسية. وتكاد مشاريع إعادة الإعمار تكون معدومة، في ظل اعتماد الأهالي على المبادرات الفردية وإمكاناتهم المحدودة، مع غياب شبه تام للدعم الخارجي والمنظمات الإنسانية.

مقالات ذات صلة