أكد معاون محافظ حمص لشؤون المدينة القديمة، فارس الأتاسي، في حديث لمنصة سوريا 24، أن الواقع الخدمي في حمص القديمة سيء، والبنية التحتية أقرب ما تكون إلى المتهالكة”.
وأشار إلى أن “آثار الدمار الناتج عن الحصار الذي فُرض على المدينة بين عامي 2012 و2014 لا تزال حاضرة حتى بعد مرور أكثر من عشر سنوات”.
ورغم ما تعانيه الأحياء التاريخية في حمص من صعوبات، يبرز الدور الحيوي الذي تلعبه المبادرات المدنية والتطوعية في سياق محاولات النهوض بالواقع الخدمي والبنية التحتية، في ظل تحديات كبيرة تواجه جهود إعادة التأهيل، وتتطلب تضافر الجهود بين الفعاليات المجتمعية والمؤسسات الرسمية.
دور المبادرات التطوعية: بين التحديات والإنجازات
وفي ظل هذا الواقع، برزت مبادرات مجتمعية وفرق تطوعية كشريك أساسي في محاولات تحسين الظروف المعيشية.
وبرز فريق “يلا سوريا الشبابي” كأحد أبرز هذه الفرق، حيث نفّذ حملة تنظيف واسعة بالتعاون مع معاون المحافظ، شملت شوارع السيباط، ومحيط مسجدي النخلة والحسيني، من أهم المواقع التاريخية والدينية في حمص القديمة.
وقال حسن الأسمر، قائد الفريق في حديث لمنصة سوريا 24: “نؤمن أن المبادرات المجتمعية ليست بديلاً عن الدولة، لكنها حاضنة للانتماء، ومحفّز للفعل الإيجابي، وحلقة وصل بين المواطن والمؤسسات الرسمية”.
وأضاف: “الحملة لم تكن مجرد تنظيف، بل رسالة تأكيد على أن حمص القديمة تستحق أن تعود لجمالها، وأن أهلها قادرون على المبادرة حتى في أصعب الظروف”.
وأشار الأسمر إلى أن أهمية هذه المبادرات لا تقتصر على الجانب الخدمي، بل تمتد إلى:
– تعزيز الشعور بالانتماء والمسؤولية المجتمعية لدى الشباب والأهالي.
– الحفاظ على الهوية التاريخية للمدينة من خلال صون المعالم الأثرية.
– تحسين المشهد الحضري لجذب الزوار والسياح.
– نشر الوعي البيئي كسلوك يومي مستدام.
– تعزيز العمل الجماعي بين المتطوعين والجهات الرسمية.
التحديات التي تواجه العمل التطوعي
رغم الحماسة والنتائج الملموسة، تواجه الفرق التطوعية تحديات كبيرة، على رأسها:
– تراكم الأوساخ نتيجة سنوات من الإهمال.
– قلة المعدات والآليات اللازمة للتنظيف، ما يضطر الفرق إلى الاعتماد على الأيدي العاملة.
– صعوبة الوصول إلى الشوارع الضيقة والمتفرعة في المدينة القديمة.
– ضعف الوعي البيئي لدى بعض السكان، ما يؤدي إلى تكرار إلقاء النفايات بعد التنظيف.
– غياب خطط صيانة دورية تضمن استدامة النتائج.
وأشار الأسمر إلى أن “الحملات لا تنتهي بجمع القمامة، بل نسعى لبناء وعي دائم، من خلال ورش عمل، وحملات توعية، وبرامج تدريبية للشباب في مكتب الفريق بمنطقة باب هود”.
التنسيق بين الرسمي والمجتمعي: آلية عمل منهجية
وفي هذا السياق، أوضح معاون المحافظ فارس الأتاسي أن الواقع الخدمي في حمص القديمة سيء، والبنية التحتية أقرب ما تكون إلى المتهالكة”.
وأضاف: “هناك مشاكل كثيرة في خطوط الكهرباء والمياه والهاتف والصرف الصحي، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى الضرر الذي خلّفه قصف جيش النظام البائد خلال فترة حصار حمص بين عامي 2012-2014. وللأسف حتى بعد مضي عشر سنوات ما زالت الأضرار الناتجة عن الحصار حاضرة”.
وعن التحديات التي تواجه تأهيل المدينة القديمة، أشار إلى حجم الضرر الكبير وبالتالي الميزانية المرتفعة لأي مشاريع تأهيل حقيقية
وذكر أيضاً أن من أبرز التحديات التي تواجهها فرق العمل والحملات التطوعية هي تراكم المشاكل وكثرتها في حمص القديمة تحديدًا. إذ أن الجهود المبذولة قد لا تكون نتائجها ظاهرة على المدى القصير. هناك أيضًا مشاكل التنسيق بين الجهات الحكومية والجهات الأهلية، وفق تعبيره.
وتابع: “نحاول كأمانة عامة لمحافظة حمص وضمن حملة “حمص بلدنا” التشبيك بين الجمعيات والمنظمات الأهلية في حمص ورفع مستوى التنسيق حتى بين الجمعيات نفسها، الأمر الذي يتطلب ديناميكية عالية لتحقيق نتائج حقيقية”.
نماذج ميدانية: من التنظيف إلى التأهيل
إلى جانب حملات التنظيف، يبرز أيضاً دور فريق “حمص بلدنا” بمبادرات متعددة، منها:
– تأهيل مدارس في الأحياء المتضررة.
– حفر آبار لتوفير مياه الشرب في ظل أزمة المياه المتفاقمة.
– تأمين إنارة للشوارع المظلمة.
– حملات دعم نفسي ولوجستي للأطفال الأيتام.
– برامج تدريبية للشباب في مجالات ريادة الأعمال، والمهارات الرقمية، والعمل المجتمعي.
في حين يركز فريق “يلا سوريا” الذي هو فريق تطوعي، على النشاطات الشبابية المختلفة.
حمص القديمة بين الأمل والواقع
بين الحطام والطموح، تواصل حمص القديمة مسيرة العودة. بسواعد المتطوعين، وتنسيق رسمي داعم، ووعي مجتمعي متزايد، تُرسم معالم النهضة تدريجياً. لكن التحديات ما تزال جسيمة، وتحتاج إلى خطط استثمارية طويلة الأمد، ودعم محلي ودولي، ورؤية تنموية متكاملة.
ففي حمص، لم يعد الحديث عن “إعادة الإعمار” مجرد شعار، بل أصبح عملاً يومياً، يبدأ بيد شاب يحمل كيس نفايات، وينتهي بخريطة تطوير تُرسم بالتعاون بين المواطن والدولة.