تعيش منطقة عملية “نبع السلام” التي تضم منطقتي رأس العين وتل أبيض منذ أكثر من ثلاثة أشهر أزمة حادة في أدوية السكري، أدت إلى حرمان مئات المرضى من العلاج الأساسي اللازم للسيطرة على مرضهم المزمن. ويؤكد أطباء ومصادر محلية أنّ الوضع الصحي آخذ في التدهور، وسط غياب أي حلول عاجلة أو بدائل آمنة.
نقص الأنسولين والأدوية الفموية
نقلت “سوريا 24” عن أحد الكوادر الطبية في المستشفى الوطني برأس العين قوله إن مخازن المستشفى خالية تماماً من الأنسولين الممزوج (Mix Insulin) الذي يجمع بين الأنسولين السريع والبطيء. وأضاف: “المرضى باتوا يضطرون إلى خلط الأنسولين السريع مع البطيء بأنفسهم، لكن هذه الطريقة غير مجدية ولا توفر السيطرة الكاملة على مستويات السكر.”
وأضاف أن الأزمة امتدت إلى الأدوية الفموية، إذ اختفت من الأسواق أقراص 1000/50 ملغ (مزيج ميتفورمين 1000 ملغ مع سيتاجليبتين 50 ملغ). وأوضح المصدر الطبي: “المرضى الذين كانوا يعتمدون على هذه الأقراص لجؤوا إلى دواء ميتفورمين 850 ملغ، لكن فعاليته أقل بكثير ولا تؤمن الاستقرار المطلوب للمرضى.”
شهادات من داخل المنطقة
أبو أحمد (55 عاماً)، وهو مريض سكري، قال لسوريا 24: “اعتمدت على الأنسولين الممزوج لسنوات طويلة، واليوم أبحث عنه في الصيدليات دون جدوى. أحصل أحياناً على علبة تكفيني أياماً معدودة فقط، وأخشى أن يمر يوم لا أجد فيه العلاج.”
أما أم محمد (47 عاماً) فقالت للمنصة: “كنت أتناول أقراص 1000/50 بانتظام، لكنها انقطعت تماماً. أستخدم حالياً ميتفورمين 850 ملغ، لكنني لا أشعر بالاستقرار في مستوى السكر كما في السابق، والخوف يلازمني من حدوث مضاعفات خطيرة.”
كما نقلت المنصة عن خالد (38 عاماً) قوله: “الأدوية التي تصل عبر التهريب باهظة الثمن وغالباً لا يتم حفظها في ظروف مناسبة. ندفع الكثير من المال مقابل دواء قد يكون فقد فعاليته أصلاً.”
أسباب الأزمة
وبحسب ما أوردته “سوريا 24” عن مصدر في المجلس المحلي برأس العين، فإن أسباب النقص تعود إلى الحصار المفروض على المنطقة من قبل قوات قسد من ثلاث جهات، إضافة إلى تشديد تركيا القيود على دخول الأدوية. وأوضح المصدر: “كانت مديرية الصحة التركية في أورفا والمنظمات الطبية توفر هذه الأدوية في السابق، لكن عملها توقف منذ فترة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة.” وأضاف أن هذه المشكلة ليست مقصورة على منطقة رأس العين، وإنما منطقة تل أبيض أيضًا.
كما أضاف المصدر أن معظم الصيدليات في المنطقة امتنعت عن استجرار الأنسولين بسبب حاجته إلى التخزين في برادات خاصة، واكتفت بتوفيره فقط عند الطلب وبأسعار مرتفعة، وهو ما فاقم معاناة المرضى.
تحذيرات طبية
ونقلت “سوريا 24” عن أطباء في منطقة نبع السلام تحذيرهم من أنّ استمرار الوضع الراهن قد يؤدي إلى “كارثة صحية”، في ظل تزايد أعداد المرضى غير القادرين على تأمين العلاج، واقتصار تحويل الحالات إلى المستشفيات التركية على المرضى الأكثر خطورة فقط.
