تواجه قرية كفر عويد في جبل الزاوية جنوب إدلب أزمة تعليمية خانقة مع اقتراب العام الدراسي الجديد، بعد أن استثنتها مديرية التربية من خطتها الأخيرة لترميم نحو 80 مدرسة مدمرة في المنطقة، رغم عودة أكثر من 70 بالمئة من سكانها خلال الأشهر التسعة الماضية.
رئيس المجلس المحلي في كفر عويد، فرج مغلاج، أوضح لـ”سوريا 24″ أن عدد سكان البلدة بلغ نحو 22 ألف نسمة، أي ما يقارب 3900 عائلة، مشيراً إلى أن “القرية تضم 11 مدرسة، جميعها مدمرة بشكل كامل أو جزئي، ولم تقترب منها أي جهة حتى الآن، على الرغم من رفع عشرات ملفات تقييم الاحتياج الخاصة بها”.
وأضاف مغلاج: “اضطررنا العام الدراسي الماضي إلى نقل أساس مدرسة من أحد المخيمات ووضعه في مبنى مهدّم جزئياً، وتمكّنا من إكمال العام الدراسي، لكن هذه الحلول المؤقتة لم تعد ممكنة مع ارتفاع أعداد الطلاب”. وتابع: “كانت هناك وعود بترميم أربع مدارس موزعة جغرافياً في البلدة، إلا أن الاستبيان الإحصائي الأخير أثبت أننا بحاجة إلى ست مدارس تعمل بنظام الفوجين لتستوعب الطلاب العائدين”.
هذا الواقع دفع بعض الأهالي إلى التفكير بالعودة مجدداً إلى المخيمات بسبب غياب أبسط مقومات التعليم. أبو محمد، أحد سكان القرية، قال بغضب: “أولادنا بلا مدارس، لا صف ولا معلم. إذا بقي الوضع هيك، والله ما إلنا حل غير نرجع عالخيام”.
محمود أحمد الخنوس، إعلامي المجلس المحلي وأحد أهالي كفر عويد، قال في حديثه إلى منصة سوريا 24: إن واقع التعليم في القرية بات مأساوياً مع خروج جميع المدارس عن الخدمة نتيجة الدمار الذي خلّفه القصف، مشيراً إلى أن عودة مئات العائلات خلال الأشهر الماضية كشفت حجم الفجوة بين حاجة الأطفال للتعليم وبين غياب أي بنية تحتية تعليمية قادرة على استيعابهم.
وأضاف الخنوس أن الجهود المحلية تبقى محدودة للغاية، وأن المجلس يحاول بالتعاون مع بعض المنظمات إعادة تأهيل جزئي لمدرسة واحدة فقط، لكنه شدد على أن الإمكانيات الحالية لا تكفي، وأن تجاهل الاستجابة السريعة قد يضع مستقبل مئات الأطفال في مهبّ الحرمان من التعليم.
يأتي هذا في وقت يعاني فيه قطاع التعليم في محافظة إدلب من تحديات كبيرة نتيجة الدمار الواسع الذي خلّفته سنوات القصف، إذ تشير تقديرات محلية إلى أن أكثر من نصف المدارس خارجة عن الخدمة كلياً أو جزئياً، فيما تعمل المدارس المتبقية غالباً في ظروف صعبة من حيث نقص الكوادر والمستلزمات التعليمية. وتزيد الضائقة المعيشية التي يعيشها السكان من معدلات التسرب المدرسي وعمالة الأطفال، الأمر الذي يجعل تأهيل المدارس أولوية ملحة لضمان حق التعليم ومنع ضياع جيل كامل.
ومع استبعاد كفرعويد من خطط الترميم، تتجدد المخاوف من أن يتحول التعليم فيها إلى “رفاهية مستحيلة”، وسط عجز المجالس المحلية عن توفير البدائل، وضعف استجابة المنظمات الإنسانية في هذا القطاع.