أصدر مصرف سوريا المركزي، اليوم الثلاثاء، بياناً توعوياً وتحذيرياً هاماً، حذّر فيه المواطنين من مخاطر التعامل بالعملات الرقمية (Cryptocurrencies)، مشدداً على أن هذه العملات لا تمثل وسيلة دفع قانونية معتمدة في سوريا، ولا تخضع لأي رقابة أو إشراف رسمي، وبالتالي فإن جميع العمليات المالية التي تُجرى باستخدامها تُعد غير قانونية وتنطوي على مخاطر جسيمة.
وجاء في البيان أنه لوحظ ازدياد النشاطات غير الرسمية المتعلقة بتداول وترويج العملات الرقمية خلال الفترة الأخيرة، سواء عبر الإنترنت أو من خلال شبكات اجتماعية وقنوات تواصل رقمية، حيث يتم تسويقها كوسيلة لجني أرباح سريعة ومغرية، دون الكشف عن المخاطر الجسيمة المترتبة عليها.
ليست عملة قانونية ولا تخضع للإشراف الرسمي
أوضح المصرف المركزي أن العملات الرقمية هي وسائط افتراضية تُكوَّن من أكواد رقمية، تُخزَّن وتُتداول إلكترونياً عبر الإنترنت، ولا تصدر عن أي بنك مركزي أو جهة رسمية، كما أنها غير معتمدة قانوناً كعملة رسمية في سوريا، ولا تتمتع بأي غطاء أو ضمان من الدولة. وشدّد المصرف على أن أي تعامل بها – سواء في الشراء أو البيع أو الاستثمار – يتم خارج الإطار القانوني، وبالتالي تقع كامل المسؤولية على عاتق المتعاملين أنفسهم.
تحذيرات من تقلبات الأسعار ومخاطر الخسائر المفاجئة
وأشار المصرف إلى أن إحدى أبرز المخاطر المرتبطة بالعملات الرقمية هي التقلبات الشديدة في أسعارها، حيث يمكن أن تتغير قيمتها بشكل حاد خلال فترات زمنية قصيرة جداً، ما يعرض المستثمرين والمستخدمين لخسائر فادحة، خاصة في ظل عدم استقرار الأسواق العالمية والإقليمية.
ولفت إلى أن هذه التقلبات تجعل من الاستثمار فيها مغامرة عالية المخاطر، لا تناسب سوى فئة محدودة من المستثمرين ذوي الخبرة العالية، حتى في الدول التي تسمح بها.
غياب الإطار القانوني يفاقم المخاطر
كما أكّد المصرف المركزي غياب الإطار التنظيمي والقانوني الذي يُنظّم التداول بالعملات الرقمية في سوريا، مما يجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، حماية حقوق المستخدمين أو ملاحقة الجناة قانونياً في حال تعرّضهم للاحتيال أو الخسارة.
وبيّن أن هذا الفراغ القانوني يُسهّل استخدام هذه العملات في أنشطة غير مشروعة مثل غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي، ما يعرّض المتعاملين بها لمخاطر قانونية جسيمة، قد تشملهم بعقوبات وتحقيقات رقابية.
انتشار عمليات الاحتيال والقرصنة الإلكترونية
وأكد البيان أن المنصات الإلكترونية التي تُستخدم لتداول العملات الرقمية غالباً ما تكون غير موثوقة وغير خاضعة للرقابة، ما يفتح الباب واسعاً أمام عمليات النصب والاحتيال. وأشار إلى أن هجمات القرصنة على المحافظ الرقمية (Digital Wallets) أصبحت شائعة، حيث يستغل المحتالون ضعف وعي بعض المستخدمين بأساليب الحماية الرقمية، فيسرقون أموالهم دون إمكانية استردادها، نظراً لطبيعة المعاملات الرقمية التي لا يمكن عكسها.
تجنب التعامل بالعملات الرقمية حمايةً لأموالهم
وفي ضوء هذه المخاطر، حثّ مصرف سوريا المركزي جميع المواطنين على الحذر الشديد، وطالبهم بعدم الانسياق وراء الدعايات التي تروّج لأرباح سريعة وسهلة من خلال الاستثمار في العملات الرقمية، مؤكداً أن مثل هذه الوعود غالباً ما تكون وهمية وتُستخدم كطُعم للاحتيال.
وشدّد المصرف على أنه لا يُشرّع ولا يُنظّم أي نشاط متعلق بالعملات الرقمية، وأنه لا يتحمل أي مسؤولية قانونية أو مالية تجاه الخسائر الناتجة عن التعامل بها، وأن أي تداول أو استثمار في هذا المجال يتم على مسؤولية الفرد الكاملة.
التزام بحماية النظام المالي وحقوق المواطنين
وفي ختام البيان، أكّد مصرف سوريا المركزي التزامه بحماية الاستقرار المالي في البلاد، وحماية أموال المواطنين من المخاطر الناتجة عن الأدوات المالية غير الخاضعة للرقابة.
ودعا الجهات المعنية إلى تكثيف جهود التوعية العامة حول مخاطر العملات الرقمية، وضرورة تعزيز الوعي المالي لدى الجمهور، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية السريعة.
ودعا المصرف جميع المواطنين إلى الإبلاغ الفوري عن أي نشاط مشبوه يتعلق بالعملات الرقمية من خلال القنوات الرسمية، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.