تعيش قرية السكرية الكبيرة في ريف الباب الشرقي شرق حلب، التي يبلغ عدد سكانها نحو سبعة آلاف نسمة، أوضاعًا خدمية ومعيشية متدهورة منذ سنوات، في ظل غياب المياه والكهرباء وتردي البنية التحتية وانتشار البطالة، ما جعل الأهالي يصفون قريتهم بأنها “منسية”.
إنجازات محدودة وحاجات كبيرة
يؤكد المختار السابق الحاج حسين الحمادي (أبو عبد المعطي) لمنصة سوريا 24 أن فترة عمله كانت مليئة بالتحديات، إذ جعل الموقع الجغرافي للقرية منها خط مواجهة سابقًا مع قوات النظام و”ب ي د”، ما صعّب وصول الدعم إليها.
ويشير إلى أنه تمكّن خلال أربع سنوات، بعد طرد تنظيم “داعش” منها ضمن عملية “درع الفرات”، من إعادة تفعيل المستوصف بدعم مباشر من الحكومة التركية، إضافة إلى تعبيد طريق بديل يربط القرية بالطرق الرئيسة.
لكنّه يوضح أن شبكة المياه معطلة منذ 2012، والكهرباء مقطوعة كليًا رغم أن جزءًا من الشبكة ما زال صالحًا، فيما تبقى الحاجة ملحّة لتأمين خدمات أساسية تعيد الحياة إلى القرية.
الأهالي: عطش وفقر وألغام
المياه تمثل الهاجس الأكبر للسكان، إذ يقول محمد حسون من أهالي القرية لمنصة سوريا 24 إن الجفاف وجفاف الآبار الارتوازية دفع الأهالي إلى شراء المياه بأسعار مرتفعة، فيما ذبلت المحاصيل الزراعية التي كانت مصدر الدخل الأساسي.
ويضيف أن القرية محرومة من الكهرباء منذ أكثر من عشر سنوات وتعتمد على ألواح الطاقة الشمسية بقدرة محدودة، بينما المرافق الصحية والتعليمية شبه مشلولة، حيث يعمل المستوصف بدوام جزئي بلا أدوية كافية، والمدارس تعاني نقص الكوادر، ما أدى إلى تفشي عمالة الأطفال وتسرب معظم التلاميذ.
كما يشير إلى خطورة الطرق، إذ تغرق شوارع القرية بالحفر وبعضها مكشوف على مياه الصرف الصحي، فيما لا تزال الألغام المزروعة على أطرافها تحصد أرواح المدنيين.
واقع صحي متردٍ وتعليم منهار
تؤكد الدكتورة ربى محمد الحسون لمنصة سوريا 24 أن المستوصف لا يضم سوى طبيب عام وطبيب أسنان غير متمرّس وقابلة قانونية، فيما تنقصه كوادر تخصصية وأدوية أساسية. وتشير إلى انتشار أمراض مزمنة مثل السكري والربو وضغط الدم، إضافة إلى تفشي اللشمانيا بلا علاج متوفر.
أما التعليم، فتصفه بـ”الكارثي”، إذ يصل معدل التسرب المدرسي إلى 90٪ بسبب الفقر وغياب الكوادر، مؤكدة أن البطالة تتجاوز 95٪ وأن معظم الأسر تعيش على مساعدات محدودة أو تحويلات المغتربين.
المطالب: ماء، كهرباء، وأمل بالعودة
يتفق الأهالي والمختار السابق على أولويات عاجلة، أبرزها:
• حفر آبار عميقة أو استجرار المياه من سد تشرين.
• إعادة تمديد الكهرباء وصيانة الشبكة الحالية.
• دعم الزراعة بالمعدات والأسمدة والمياه لإنقاذ مصدر الرزق الأساسي.
• إنشاء مشفى وتوفير كوادر طبية وتعليمية مع حملات للحد من التسرب الدراسي.
• إزالة الألغام المنتشرة في محيط القرية.
• تأهيل البنية التحتية والمنازل المدمرة وإنشاء بلدية لجمع النفايات.
منذ 2011 حتى اليوم
شهدت القرية تحولات عسكرية متلاحقة، إذ خضعت بين 2014 و2016 لسيطرة تنظيم “داعش”، قبل أن تنتقل مع عملية “درع الفرات” في شباط/فبراير 2017 إلى سيطرة فصائل الجيش الوطني السوري. ورغم خروجها من خط المواجهة المباشر، بقيت في بيئة أمنية هشة مع استمرار مخاطر الألغام ومخلفات الحرب.
على الصعيد الخدمي، لم تستفد القرية من مشاريع إعادة الإعمار في ريف الباب، إذ بقيت محرومة من الكهرباء منذ 2015 وتعتمد على الطاقة الشمسية، بينما تضررت بشدة من موجات الجفاف الأخيرة التي تسببت بجفاف الآبار وتهديد النشاط الزراعي. كما فاقم زلزال شباط/فبراير 2023 معاناة السكان، بعد أن ألحق أضرارًا إضافية بالمنازل والبنى التحتية.
ويختم الحمادي بالقول: “الكثير من العائلات ترغب بالعودة من دول الجوار، لكن غياب الخدمات الأساسية يمنعها. ونأمل أن تتحقق مطالبنا قريبًا”.