تشهد مدينة الرقة في الآونة الأخيرة أزمة متصاعدة تتعلق بمادة المازوت المخصصة للتدفئة، حيث يواجه الأهالي صعوبات في الحصول على حاجاتهم الأساسية وسط تدني جودة المادة، وازدحام محطات الوقود، وارتفاع الأسعار في السوق السوداء مع اقتراب فصل الشتاء.
ويجري توزيع المازوت عبر آلية تعتمد على الأوراق الثبوتية مثل دفتر العائلة، بحيث تحصل كل أسرة على مخصصات تصل إلى 300 لتر بسعر 1000 ليرة سورية للتر الواحد. إلا أن الكمية الممنوحة لا تكفي طوال فترة الشتاء، ما يدفع كثيرين للجوء إلى السوق السوداء حيث يبلغ سعر اللتر 6000 ليرة سورية، وهو ما يضاعف الأعباء المالية على الأهالي الذين يعانون أصلاً من ظروف اقتصادية صعبة.
محمد الياسين، أحد سكان المدينة، أوضح لـ”سوريا 24” أن المازوت الموزع “رديء النوعية، وغالباً ما يكون مخلوطاً بالماء أو بمواد أخرى تقلل من كفاءته في التدفئة، مما يضطرنا لاستهلاك كميات أكبر. وحين نلجأ لشراء المزيد من السوق السوداء نجد الأسعار أضعاف السعر الرسمي، وهو ما يزيد معاناتنا”.
أما مروان العلي من حي السباهية فأشار في حديثه لـ”سوريا 24” إلى أن الازدحام في المحطات يمثل عقبة كبيرة: “الدخول إلى المحطات شبه مستحيل بسبب الطوابير الطويلة. لذلك نضطر للاستعانة بالصهاريج التابعة للمحطات نفسها في أغلب الأحيان، لكن هذا يرفع التكلفة بشكل كبير، إذ يصل ثمن المخصصات العائلية عبر هذه الصهاريج إلى أكثر من 85 ألف ليرة سورية”.
من جهتها، لفتت ندى بدر، وهي من سكان الرقة، إلى مشكلة أخرى تتعلق بسوء المادة قائلة لـ”سوريا 24“: “بعيداً عن قلة الكميات، فإن المازوت عادة سيئ الجودة ويتجمد مع دخول فصل الشتاء، ما أدى إلى وقوع عدة حرائق نتيجة اضطرار السكان إلى تذويبه قبل الاستعمال”.
وفي محاولة لتوضيح أسباب الأزمة، صرّح مصدر مسؤول في إدارة محروقات الرقة (سادكوب) لـ”سوريا 24” قائلاً: “تراجع جودة المازوت يعود في الغالب إلى عمليات التهريب وقيام بعض أصحاب المحطات بخلط المادة بمواد غير مطابقة للمواصفات، إضافة إلى ضعف الرقابة. لذلك تم اعتماد خطة لتشديد الرقابة عبر توزيع مناديب من إدارة المحروقات على المحطات المعتمدة، لضمان وصول المازوت بالمواصفات المطلوبة إلى المواطنين”.
وبينما يستمر الجدل حول جدوى الحلول المقترحة، تبقى أزمة المازوت في الرقة واحدة من أبرز التحديات اليومية التي تثقل كاهل الأهالي، وتعكس حجم الصعوبات المعيشية في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة. ويرى مراقبون أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب تضافر جهود رسمية ومجتمعية لضمان توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة للسكان.