شهدت مدينة الرقة في الآونة الأخيرة انتشارًا واسعًا لبسطات بيع المحروقات العشوائية داخل الأحياء السكنية، وفي الشوارع الضيقة، وحتى قرب المنازل، الأمر الذي أثار حالة من القلق والخوف بين السكان. هذه البسطات، التي تُزوّد أحيانًا من عدادات المحطات الرسمية، تعمل بشكل غير مرخّص وتفتقر إلى معايير السلامة الأساسية، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين والبيئة المحيطة.
وتبرز خطورة هذه الظاهرة في طبيعة المواد المباعة، إذ تُعدّ المحروقات قابلة للاشتعال والانفجار في أي لحظة، لا سيما في ظل غياب أنظمة الإطفاء والإجراءات الوقائية. وقال محمد العلي، من سكان حي الكورنيش جنوب الرقة، لـ “سوريا 24”: “عندما أرى هذه البسطات قرب منازلنا وعلى حواف الشوارع الضيقة، أشعر بقلق شديد على سلامة عائلتي وجيراني، لأنها لا تتبع أي معايير أمنية، وقد تحدث كارثة في أي لحظة.”
كما تتسبب هذه البسطات في ازدحام مروري خانق داخل الأحياء، خصوصًا في الشوارع الضيقة التي لا تتحمل وجود المركبات المتوقفة لفترات طويلة. هذا الازدحام يعيق حركة المرور ويهدد بزيادة خطورة الأوضاع في حالات الطوارئ. وقالت منى عبدالله، من سكان حي الكورنيش، في تصريح لـ “سوريا 24”: “السيارات والبسطات تجتمع في مكان ضيق، وهذا يجعل حركة المرور شبه متوقفة، وإذا حدث أي طارئ، لن يتمكن رجال الإسعاف أو الإطفاء من الوصول بسرعة.”
ومن جانب آخر، يعمل الكثير من الباعة بلا تراخيص رسمية، ما يعني غياب الرقابة على جودة المحروقات المباعة، والتي غالبًا ما تكون ذات روائح كريهة بسبب طرق استخراجها البدائية من النفط الخام وبيعها إلى أصحاب هذه البسطات، لتصبح بمثابة سوق سوداء للمحروقات. وأوضح حذيفة العلي، من سكان حي الجزرة، لـ “سوريا 24”: “ليس من المعقول أن تكون محطات الوقود داخل الأحياء السكنية وفي الشوارع الضيقة. أحيانًا يجلبون أنواعًا من المازوت ذات روائح كريهة، ناهيك عن خطورة هذه البسطات.”
وأضاف محمد العلي: “معظم أصحاب البسطات متعاملون بشكل علني مع جهات متنفذة، لذلك لا يهتمون بأحد سوى مصالحهم الشخصية. ففي حينا يوجد أكثر من عشرين بسطة في شارع لا يتجاوز طوله خمسمائة متر.”
ويعود ظهور هذه البسطات إلى ما بعد قرار إدارة المحروقات التابعة لـ “قسد” في أواخر عام 2020، الذي قضى بإغلاق جميع البسطات ومخالفة كل من يتجاوز القرار، مع توجيه الأهالي للتزود بالوقود من المحطات المرخصة. إلا أن القرار لم يُطبّق بشكل فعّال بسبب الفساد الكبير في المحطات الرسمية، واضطرار السكان للوقوف في طوابير طويلة، الأمر الذي أدى إلى عودة البسطات وانتشارها بشكل أكبر من ذي قبل في شوارع الرقة وأحيائها.