يعاني سكان حي السكري في مدينة حلب من غياب شبه كامل للخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء، منذ أكثر من 12 عامًا، في ظل استمرار معاناتهم مع ارتفاع أسعار الأمبيرات وتراجع مستوى الخدمات البلدية.
فمنذ عام 2012، حُرِم الحي من الكهرباء بعد منع النظام السوري السابق وصولها عقب دخول فصائل الجيش الحر إليه، لتتفاقم الأزمة لاحقًا مع سيطرة قوات النظام والميليشيات الموالية لروسيا وإيران على الأحياء الشرقية وتهجير سكانها في نهاية 2016، حيث جرى حينها نهب البنية التحتية للكهرباء، بما في ذلك المحولات والشبكة الرئيسية.
وكان محافظ حلب عزام غريب قد أشار في زيارة سابقة للحي إلى أن المنطقة بحاجة إلى عمل كبير لإعادة تأهيل الشبكة وإيصال التيار الكهربائي مجددًا، إلا أن شيئًا ملموسًا لم يتحقق حتى الآن.
وفي ظل هذا الغياب، يعتمد الأهالي على المولدات الخاصة التي تحولت إلى عبء إضافي، حيث ارتفع سعر “الأمبير” إلى نحو 65 ألف ليرة، على الرغم من أن المحافظة أقرت سابقًا سعراً رسمياً لا يتجاوز 30 ألفًا، ورغم التزام أصحاب المولدات لفترة قصيرة بالقرار، سرعان ما عادت الفوضى وسط غياب الرقابة الحقيقية، ما فتح الباب أمام الاستغلال.
أبو خالد، أحد سكان الحي، قال لمراسل سوريا 24: “ندفع مبالغ خيالية مقابل الأمبير، ومع ذلك لا نحصل إلا على بضع ساعات من الكهرباء يومياً، الأمر لم يعد يحتمل، نريد حلاً جذرياً يعيد الكهرباء النظامية كما كانت”.
من جانبه، أوضح الشاب محمد (27 عاماً) أن أزمة الكهرباء انعكست بشكل مباشر على الحياة اليومية: “لا نستطيع تشغيل البرادات بشكل منتظم، والطلاب يدرسون على ضوء البطاريات، حتى أبسط متطلبات الحياة أصبحت مرتبطة بمزاج أصحاب المولدات”.
ولا تتوقف معاناة السكان عند الكهرباء فقط، إذ يشكو الأهالي من تراكم القمامة في شوارع الحي، حيث تغيب سيارات البلدية لفترات طويلة تصل إلى أسبوع أو أسبوعين، ما يضطر السكان إلى نقل النفايات بأنفسهم نحو المكبات القريبة لتجنب تراكمها أمام منازلهم.
أم أحمد، ربة منزل، عبرت عن استيائها بالقول: “نضطر أحياناً لحمل الأكياس الكبيرة بأيدينا إلى خارج الحي لأن البلدية لا تأتي إلا نادراً، الروائح والذباب أصبحت جزءاً من يومياتنا، وكأننا لسنا جزءاً من هذه المدينة”.
ويُعد حي السكري واحداً من أكبر أحياء حلب الشرقية وأكثرها كثافة سكانية، إذ كان قبل عام 2011 يضم عشرات الآلاف من السكان بحكم موقعه الحيوي وقربه من مركز المدينة، كما كان أحد أبرز معاقل الحراك في حلب خلال سنوات الثورة السورية، ما جعله عرضة لعمليات قصف مكثفة انتهت بتهجير سكانه أواخر عام 2016، واليوم، ورغم عودة بعض العائلات، لا يزال الحي يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
ويرى أبناء الحي أن تحسين الواقع الخدمي يحتاج إلى رقابة صارمة على أسعار الأمبيرات، والتزام جدي من البلدية في متابعة النظافة، إلى جانب خطة شاملة لإعادة الكهرباء إلى السكري، كخطوة أساسية لإعادة الحياة إلى أحد أكبر أحياء حلب الشرقية.