الغوطة الشرقية: جسرين بلدة عالقة بين الإهمال وانتظار الإعمار

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

من قلب الغوطة الشرقية، حيث ما تزال آثار الحرب شاخصة في الأبنية المهدمة والشوارع الموحلة، تقف بلدة جسرين شاهداً حياً على سنوات طويلة من الحصار والدمار والتهميش. هذه البلدة الصغيرة التي عُرفت قبل عام 2011 بحيويتها وأسواقها النشطة وقربها من العاصمة دمشق عدد سكانها كان 15 ألف نسمة، تحولت اليوم إلى مكان شبه منسي، يعيش فيه فقط 3 آلاف عائلة في ظروف أشبه بالبقاء على قيد الحياة لا أكثر.

منذ الحملة العسكرية التي شنها النظام وحلفاؤه عام 2018، والتي انتهت بتهجير معظم سكانها إلى الشمال السوري، لم تنجح جسرين في استعادة عافيتها. فالدمار الذي لحق بالبنية التحتية ما زال قائماً، والخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والصحة والتعليم تعاني من انهيار شبه كامل، فيما لم تصل إلى الأهالي أي خطط جدية لإعادة الإعمار أو تحسين واقعهم المعيشي.

يناشد بسام التونسي، وهو أحد أبناء البلدة المهجّرين، الذي خرج مع آلاف المدنيين إلى الشمال السوري عقب التهجير القسري، قبل أن ينتقل إلى تركيا لخمسة أعوام ليستقر أخيراً في فرنسا: “جسرين هي أهلي وعزوتي، لكن البلدة اليوم تعاني من إهمال ممنهج وحرمان مدروس. لم تحصل منذ سنوات على أبسط حقوقها في الكهرباء والمياه والصحة والتعليم. وبعد كل التضحيات، ما زالت الحياة فيها شبه معدومة، وكأن الحرب لم تنتهِ بعد”.

ويشير بسام إلى أن الأمل الذي عاشه الأهالي بعد التحرير لم يترجم على أرض الواقع، فمعظم الشكاوى ما تزال تتكرر: ضعف شديد في خدمة الكهرباء والمياه، انتشار القمامة بشكل يهدد الصحة العامة، غياب أي خطة جدية لإعادة إعمار المنازل المدمرة، واستمرار تدهور القطاعين الصحي والتعليمي.

معاناة يومية داخل البلدة

من داخل البلدة، قال أبو محمد، أحد الأهالي العائدين إلى جسرين بعد سنوات من النزوح:
“نعيش بلا كهرباء منتظمة ولا مياه كافية، الطرق مليئة بالحفر والقمامة تملأ الشوارع، ولا يوجد مركز صحي يمكن الاعتماد عليه. حتى المدارس تعاني من نقص الكوادر والتجهيزات. نحن نشعر أن معاناتنا مستمرة منذ الحصار وحتى اليوم”.

ويضيف أبو محمد أن الأهالي يشعرون أنهم تُركوا لمصيرهم، بلا دعم حقيقي من السلطات المحلية أو المنظمات، رغم أن البلدة دفعت ثمناً كبيراً خلال سنوات الثورة والحصار، وما زالت محرومة من أبسط مقومات الحياة الكريمة.

بلدة دفعت الثمن الأكبر

يؤكد أنس درويش، رئيس المجلس المحلي للبلدة، أن جسرين ليست حالة استثنائية، بل نموذج عن بلدات الغوطة الشرقية التي لم تحصل على حقها في إعادة الإعمار رغم قربها الجغرافي من العاصمة دمشق. لكن بالنسبة لأبناء جسرين، تبدو المعاناة أكثر قسوة، إذ فقدت البلدة الكثير من أبنائها، وتعرضت أحيائها لدمار واسع، بينما يعيش من تبقى فيها على أمل عودة الحياة يوماً ما.

ويختم بسام التونسي مناشدته عبر “سوريا 24” قائلاً: “نريد لجسرين أن تعود بلدة نابضة بالحياة كما كانت، وأن يحصل أهلها على أبسط مقومات العيش الكريم، فهذا أقل ما نستحقه بعد كل ما مررنا به”.

فاليوم، يجد سكان جسرين أنفسهم بين مطرقة الحرمان وسندان الإهمال، يرفعون أصواتهم للمطالبة بأبسط حقوقهم في الحياة الكريمة، بعد أن دفعوا ثمناً باهظاً خلال سنوات الحصار والحرب.

مقالات ذات صلة