في أروقة الكونغرس: جهود سورية لدعم رفع العقوبات عن سوريا

Facebook
WhatsApp
Telegram

شهدت أروقة الكونغرس الأميركي حراكاً لافتاً للانتباه لفريق التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار (SAAPP)، الذي واصل جهده المكثف بهدف إلغاء “قانون قيصر” وما يرتبط به من إجراءات عقابية فرضت على سوريا خلال السنوات الماضية.

والأربعاء، أجرى الفريق تحركات موسعة تخللها لقاءات رفيعة المستوى مع عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وسط إشارات أولية توحي بإمكانية تحوّل هذه المساعي إلى مسار تشريعي ملموس في المرحلة المقبلة.

لقاءات مؤثرة داخل الكونغرس أعلن التحالف أن فريقه نجح في الحصول على موافقة مبدئية من أربعة أعضاء في مجلس النواب لدعم وتمرير مشروع القانون الذي قدّمه عضو الكونغرس جو ويلسون بالتعاون مع مارلين ستاتزمان لإلغاء “قانون قيصر”.

كما عقد الوفد اجتماعاً مع السيناتور راند بول، الذي سبق أن قدّم مشروعاً مماثلاً في مجلس الشيوخ يهدف إلى رفع العقوبات عن سوريا، في خطوة تُعد داعمة لمسار الجالية السورية.

وشمل البرنامج أيضاً لقاءً مع عضو الكونغرس إيب حمادة، الذي زار سوريا مؤخراً واطلع عن قرب على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية. إضافة إلى ذلك، أجرى الوفد جلسة مطوّلة وحساسة مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، النائب برايان ماست، في محاولة لتوضيح الآثار السلبية المستمرة للعقوبات على المجتمع السوري.

وبالتوازي، شارك أعضاء من التحالف إلى جانب منظمة المجلس السوري–الأميركي “ساك” في يوم مناصرة موسع داخل الكونغرس، حيث جرى طرح وجهات نظر مشتركة ومناقشة أبعاد الملف السوري مع مشرّعين أميركيين من توجهات مختلفة.

خطوة مفصلية في مسار المناصرة

وفي هذا السياق، قال الدكتور أنس العمر، عضو التحالف السوري–الأميركي للسلام والازدهار في حديث لمنصة سوريا 24: “زيارة وفد الجالية السورية إلى الكونغرس الأميركي تمثل خطوة مفصلية في مسار المناصرة السياسية، حيث نجحنا في الحصول على موافقة مبدئية من عدة أعضاء بارزين في مجلسي النواب والشيوخ لدعم مشروع إلغاء (قانون قيصر)”.

وتابع: “هذه الاستجابة الأولية تعكس أن صوت الجالية السورية بات مسموعاً وقادراً على التأثير في مراكز القرار داخل واشنطن”.

وأضاف العمر: “أهمية هذه الخطوة لا تكمن فقط في العدد، بل في كسر الحاجز الأولي وفتح الباب أمام نقاش جاد حول أثر العقوبات على الشعب السوري. فبينما فُرض “قانون قيصر” كأداة ضغط ساهمت في عزل وإضعاف النظام السابق، إلا أن الواقع الحالي يثبت أن العبء يقع على الشعب السوري ويقف عائقاً في طريق إعادة البناء، وحان الوقت لتصحيح هذا المسار”.

وختم قائلاً: “في قادم الأيام، نتوقع المزيد من اللقاءات مع أعضاء الكونغرس ومكاتبهم لتوسيع دائرة الدعم، بالتوازي مع العمل على رفع الوعي لدى الرأي العام الأميركي بأثر العقوبات. المسار لن يكون سهلاً، لكن الحصول على موافقات مبدئية من نواب مؤثرين يشير إلى بداية تحول قد يقود نحو قرار تشريعي يُنهي هذه العقوبات”.

لا مبرر لاستمرار القانون

من جانبه، أكد الكاتب والباحث السياسي عبد الله زيزان في حديث لمنصة سوريا 24، على أنه: “رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع العقوبات عن سورية إلا أن هناك بعض القوانين التي لابد لها من أن تُلغى بشكل كامل، وعلى رأسها قانون قيصر”.

وأشار إلى أن: “هناك محاولات من العديد من النواب الأميركيين وبعض الجهات المسؤولة أن ترفع هذا القانون لأن مبررات وجوده لم تعد متوفرة، فالمجرم الذي من أجله تم سن هذا القانون قد رحل، وبالتالي لا يوجد هناك أي مبرر لبقائه”.

وتابع: “أعتقد أن الإدارة الأميركية برئاسة ترامب لها كل المصلحة في إنهاء هذا القانون، ولها كل المصلحة في استقرار سوريا. لذلك أعتقد أن هذا الحراك سيؤتي أكله وسينتهي هذا القانون ربما خلال فترة قصيرة قبل نهاية هذا العام، وجهود الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية لها دور كبير في هذا المجال بالإضافة إلى أصدقاء الشعب السوري من الدول والمؤسسات والأفراد”.

عقوبات مثيرة للجدل

يمثل “قانون قيصر”، الذي أُقر عام 2019، أحد أبرز أدوات الضغط الأميركية على سوريا، إذ استهدف شخصيات ومؤسسات مرتبطة بالنظام السابق، لكن تداعياته سرعان ما امتدت إلى الاقتصاد السوري بشكل عام، ما انعكس على الحياة المعيشية للمواطنين.

في المقابل، فإن استمرار هذه العقوبات بعد أكثر من عقد من الصراع السوري بات يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية، ويمنع تدفق الاستثمارات والمساعدات لإعادة الإعمار، في وقت يحتاج فيه السوريون إلى إعادة بناء بلدهم وتهيئة بيئة اقتصادية مستقرة.

بوادر تحول في الموقف الأميركي؟

ورغم أن مسار إلغاء “قانون قيصر” ما يزال معقداً وحساساً داخل المؤسسات الأميركية، إلا أن التحركات الأخيرة للجالية السورية في الولايات المتحدة، مدعومة بجهود شخصيات سياسية داخل الكونغرس، تُظهر أن هناك إرادة حقيقية لمراجعة هذا الملف.

فالحصول على موافقات

مبدئية من أعضاء في مجلس النواب، ووجود مشروع موازٍ في مجلس الشيوخ، إضافة إلى اتساع النقاش حول أثر العقوبات، يعكس بداية تحول قد يُفضي إلى قرار تشريعي شامل في المرحلة المقبلة.

مقترح الإلغاء في مسودة قانون موازنة الدفاع الوطني

ومساء اليوم الجمعة، تم إرفاق المقترح الخاص بإلغاء قانون قيصر عن طريق إدخاله في مسودة قانون موازنة الدفاع الوطني NDAA لعام 2026 والذي عادة ما يتم مناقشته وإقراره خلال هذه الفترة.

ووفق مصادر متطابقة من واشنطن، فإن الأنظار تترقب موافقة مجلس الشيوخ ومجلس النواب على هذا الإرفاق، حيث تم ذلك من قبل السيناتور روجرز ويكر (جمهوري، ولاية مسيسيبي)، ورئيس اللجنة العسكرية في مجلس الشيوخ، وشارك في الرعاية السيناتور جاك ريد (ديمقراطي، ولاية رود آيلاند) العضو البارز في اللجنة.

ووسط كل ذلك، يبدو أن يوم المناصرة الذي قاده التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار داخل الكونغرس يمثل محطة مهمة في مسار طويل ومعقد. وبينما يراهن أعضاء التحالف على دعم متزايد من المشرعين الأميركيين، تظل التحديات قائمة في ظل الانقسام السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، والضغوط الخارجية المرتبطة بالملف السوري.

غير أن المؤكد أن صوت الجالية السورية أصبح أكثر حضوراً وتأثيراً، وأن مساعيها لإلغاء “قانون قيصر” باتت على جدول أعمال الكونغرس بجدية غير مسبوقة.

وإذا ما استمرت هذه الجهود في التصاعد، فإنها قد تقود إلى تحول نوعي في السياسة الأميركية تجاه سوريا، بما يعيد رسم مسار العلاقة بين البلدين على أسس جديدة أكثر واقعية وإنسانية.

مقالات ذات صلة