في ظل الجهود المبذولة لتحسين واقع المياه في مدينة حمص، تبرز مطالبات أهالي الأحياء المدمرة بإدراج مناطقهم في خطط التأهيل.
ووجّه إياد الرحال، أحد سكان حي جب الجندلي، نداءً عاجلاً للجهات المعنية والمنظمات الإنسانية، مطالباً بتوسيع نطاق مشاريع إعادة تأهيل الآبار لتشمل الأحياء الأكثر تضرراً، لا سيما تلك التي لا تزال تعاني من انهيار كامل في بنيتها التحتية.
وقال الرحال في حديث لمنصة سوريا 24: “نطالب أن تشمل عملية تأهيل الآبار كل الأحياء، وخاصة المدمرة منها، ونتمنى أن تقوم المنظمات بإجراء جولات ميدانية على هذه الأحياء، والتي تتواجد فيها خزانات رئيسية بحاجة ماسة للتأهيل من جديد. لقد رفعنا العديد من الكتب الرسمية إلى المحافظة، لكن دون أي استجابة فعلية حتى الآن”.
وأضاف الرحال موضحاً الفارق بين الأحياء: “حي الإنشاءات، الذي يجري فيه حالياً تأهيل بئر مياه، هو حي غير منكوب ولا يعاني من دمار في البنية التحتية، بينما حي جب الجندلي – الذي دمرته قصف قوات النظام السابق – يضم أربع آبار موصولة على الشبكة الرئيسية، وهي اليوم بحاجة ملحة لإعادة التأهيل. نأمل أن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن، لأن استمرار إهمال هذه المنطقة يعني تجاهلاً لمعاناة آلاف السكان”.
لا عدالة في التوزيع إن تم تجاهل الأحياء المدمرة
يأتي نداء إياد الرحال ليسلط الضوء على فجوة في خطط التأهيل، حيث تبدو بعض الأحياء “الأقل تضرراً” أولى بالاهتمام من مناطق مثل جب الجندلي، التي لا تزال تحمل ندوب الدمار ولا تحظى حتى الآن بأي مشاريع إحيائية حقيقية.
ويتساءل الرحال: “كيف نتحدث عن تحسين واقع المياه في المدينة، بينما نتجاهل الأحياء التي دمرت بالكامل؟ نحن لا نطلب معجزات، بل نطلب العدالة في التوزيع والاهتمام”.
تأهيل بئر الإنشاءات: خطوة إسعافية ضمن خطة أوسع
وفي سياق متصل، تجري حالياً أعمال تأهيل بئر مياه في حي الإنشاءات، استجابة لأزمة نقص المياه التي تعاني منها عدة أحياء في حمص، وذلك بالتعاون بين “هيئة الإغاثة الإنسانية IYD” و”المؤسسة العامة لمياه الشرب في حمص”، ضمن إطار حملة “حُمص بَلدنا” الهادفة إلى تحسين الخدمات الأساسية للسكان.
وعن أهمية البئر، قال إسماعيل ألفين، منسق حملة “حمص بلدنا” التابع لمجلس محافظة حمص في حديث لمنصة سوريا 24: “هذا البئر حيوي جداً لحي الإنشاءات، ويتمتع بغزارة مائية جيدة، ما سيسهم في تعزيز كميات المياه الموزعة على الشبكة العامة. من المتوقع أن يخدم عدداً كبيراً من السكان، ويحسن واقع الإمداد المائي في الأحياء المجاورة”.
لكن ألفين شدد على أن هذه الخطوة ليست حلاً جذرياً: “إعادة تأهيل هذا البئر خطوة مهمة للتخفيف من معاناة السكان، لكنها ليست حلاً جذرياً. الأزمة مرتبطة بعدة عوامل، أبرزها انخفاض منسوب الينابيع وشح المصادر المائية. ما نقوم به اليوم يندرج ضمن خطة شاملة تشمل تأهيل آبار أخرى، وتطوير الشبكات، وتأمين مصادر بديلة حيثما أمكن”.
تقييم جديد لأزمة المياه في حمص
وأشار ألفين إلى أن وضع البئر الجديد في الخدمة سيؤدي إلى تحسن ملحوظ في واقع المياه في بعض الأحياء، لا سيما من حيث ساعات الضخ وكميات التزويد. لكنه حذر من أن “بعض المناطق ما زالت تعاني من ضغط هائل على الموارد المائية، بسبب الطلب المتزايد وتراجع مناسيب المياه، ما يجعل الأزمة بحاجة إلى متابعة مستمرة وحلول طويلة الأمد”.
مشاريع قادمة لتحسين واقع المياه
وكشف منسق الحملة عن خطط قادمة بالتعاون مع المؤسسة العامة لمياه الشرب والجهات الشريكة، تشمل:
– إعادة تأهيل المزيد من الآبار المتوقفة عن العمل.
– توسيع شبكات التوزيع في بعض الأحياء.
– إعفاء بعض الآبار من التقنين الكهربائي لضمان ضخ مستمر.
– دراسة إمكانية استثمار مصادر مائية جديدة لتحسين التزويد بشكل مستدام.العمل بالتنسيق مع “فريق أربعاء حمص” على تنفيذ مشروع إسالة مياه سد زيتا لرفد نبع عين التنور.
وبينما تتحرك الجهات المعنية لتحسين واقع المياه في حمص عبر مشاريع محددة، تبقى مطالبات أهالي الأحياء المدمرة – وعلى رأسهم إياد الرحال – صرخة في وجه الإهمال، تطالب بعدالة التوزيع، وضرورة إدراج المناطق المنكوبة في خطط الإغاثة والتأهيل، قبل أن يتحول العطش إلى كارثة إنسانية جديدة في مدينة ما زالت تبحث عن أنفاسها بعد سنوات من الصراع والدمار الذي خلفته قوات نظام الأسد السابق.