“سيجما” تطلق مشروع “مبادرة حياة” لتأسيس منظومة إسعاف في حماة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

في ظل التدهور الكبير في البنية التحتية الصحية بسوريا، وغياب منظومة إسعاف فعالة وموثوقة، أُطلق مشروع “مبادرة حياة”، وهو مشروع سوري طموح يهدف إلى تأسيس منظومة إسعاف حديثة ومتكاملة، تبدأ من محافظة حماة كنموذج تجريبي، على أن تُعمم لاحقًا على مختلف المحافظات.

مشروع متكامل خلال عامين

يقول الناطق باسم المنظمة الطبية السورية الألمانية “سيجما”، عمر الحربي، لمنصة سوريا 24، إن المبادرة تأتي استجابة للحاجة الملحة لتوفير خدمات إسعافية فعالة في سوريا بعد سنوات من انهيار القطاع الصحي.
ويضيف: “مدة تنفيذ المشروع تتراوح بين 12 و24 شهرًا، وسيُنفذ بالكامل بكفاءات سورية، سواء في الداخل أو من المغتربين المؤهلين في الخارج”.

ويشير الحربي إلى أن المشروع يتضمن إنشاء غرفة عمليات طوارئ مركزية في مدينة حماة، بتكلفة تقارب 50 ألف دولار، لتتولى استقبال المكالمات وتوجيه سيارات الإسعاف. ووفق التقديرات، من المتوقع أن تخدم الغرفة أكثر من 400 حالة شهريًا، مع خفض زمن الاستجابة بنسبة تفوق 50%.

ويتابع: “أطلقنا المشروع رسميًا خلال المؤتمر التأسيسي في مدينة كولن الألمانية، وبدأنا بجمع التبرعات. حتى الآن، تمكنّا من تأمين نحو 30% من التكلفة الإجمالية البالغة 85 ألف دولار، بدعم أولي من الجالية السورية في أوروبا”.

وقد جرى الاتفاق مع محافظة حماة على تخصيص مقر للمشروع، على أن تبدأ العمليات الميدانية في الشهر العاشر من العام الجاري، بالتزامن مع وصول أول دفعة من الكوادر المدربة في ألمانيا إلى سوريا.

وبحسب الإعلان الترويجي للمشروع على صفحات المنظمة، فقد تم إطلاق مبادرة “حياة” كمركز اتصالات إسعافي في محافظة حماة يهدف إلى ضمان سرعة الاستجابة للحالات الطارئة وتزويد المشافي بالمعلومات الأساسية عن المريض قبل وصوله، بما يتيح تقديم رعاية أفضل وإنقاذ مزيد من الأرواح.

ولا يقتصر دوره على الخدمة المباشرة فحسب، بل يشكل أيضًا نواة لبرامج تدريبية متقدمة للمسعفين وفق أحدث المعايير العالمية، مع خطة لتوسيع التجربة وتعميمها على باقي المحافظات.

المشروع ليس تجهيزات فقط.. بل إعادة بناء للثقة

توضح الدكتورة لينا البرازي، أخصائية طب الطوارئ ومديرة المشروع، أن الهدف يتجاوز تجهيز السيارات أو إنشاء غرفة عمليات، ليصل إلى إعادة بناء منظومة الطوارئ الصحية من الأساس، مشددة على أن الكوادر البشرية تشكل محور المشروع.

وتضيف: “غرفة العمليات المركزية ستكون مسؤولة عن تلقي المكالمات وتنسيق حركة سيارات الإسعاف مع المستشفيات، لكن التجهيزات وحدها لا تكفي. التركيز الأساسي هو على تدريب المسعفين وفرق التنسيق، وهي الجهات التي تتحكم بالاستجابة كاملة. حتى الآن، لم نبدأ التدريب بسبب تأخر وصول بعض المعدات”.

وتشير إلى أن اختيار محافظة حماة كنقطة انطلاق جاء بناءً على طلب وزارة الصحة، مؤكدة أن المبنى المخصص داخل مشفى حماة الوطني موجود، لكنه غير مؤهل حاليًا، إذ لا يحتوي سوى على هاتفين وبعض أجهزة البث، ولا يمكنه تغطية احتياجات محافظة كاملة.

وتبين البرازي أن الخطة تبدأ بتشغيل 10 سيارات إسعاف، مع إمكانية التوسعة لاحقًا، بالتوازي مع بدء التدريب. كما تؤكد وجود تعاون مستمر بين فريق “سيجما” العامل في ألمانيا ومنظمات طبية ألمانية مثل “مالتيزا” والصليب الأحمر الدولي، التي تقدم الدعم في مجالات التدريب العملي والتقني، وتتيح للفريق الاطلاع على آليات العمل الميداني. كما وصلت بالفعل بعض التجهيزات الطبية، مثل أجهزة “إيكو قلب”، من مشافٍ ألمانية.

انهيار وثقة مفقودة

تصف البرازي الواقع الصحي في سوريا بـ”المنهار”، مشيرة إلى أن المشكلة لا تقتصر على نقص المعدات أو الأدوية، بل تمتد إلى ضعف التنظيم داخل منظومة الطوارئ.

وتقول: “في حالات توقف القلب أو الإصابات الحرجة، كثير من المواطنين لا يثقون بخدمة 110، فينقلون المريض بسيارات خاصة إلى أقرب مستشفى، غالبًا دون تجهيزات كافية، مما يؤدي إلى تأخير حاسم قد يفقده حياته”.

وانطلاقًا من ذلك، يعمل الفريق على تطوير منظومة 110 وربطها بغرفة عمليات حديثة وكوادر مدربة، وفق بروتوكولات واضحة تضمن الاستجابة السريعة والفعالة، مما يسهم في إعادة الثقة بالخدمة الإسعافية العامة.

الكفاءات موجودة والمعدات غائبة

تختم البرازي بالتأكيد على أن المشكلة لا تكمن في نقص عدد الأطباء السوريين، بل في غياب البنية التحتية والمعدات، موضحة أن العقوبات الدولية تشكل عائقًا كبيرًا، وتجعل الجهات المانحة، بما في ذلك الحكومة الألمانية، أكثر تحفظًا في تمويل الأجهزة، ما يدفع العديد من المشاريع إلى التركيز على التدريب كحل بديل.

وتشير إلى أن الكفاءات الطبية السورية منتشرة في أوروبا وأمريكا، وتمثل فرصة حقيقية لإطلاق مشاريع صحية نوعية في الداخل.

مقالات ذات صلة