تسعة أشهر على تحرير سوريا، لا تزال مدينة حرستا بريف دمشق تعاني من واقع خدمي متردٍ، وسط تضرر بنيتها التحتية وانتشار الأنقاض وقلة السكان، ما جعل المدينة بيئة غير مستقرة وفق شهادات الأهالي.
عصام محمد، أحد السكان يقول في حديثه إلينا: “عدنا إلى منازلنا لنجد الشوارع محفورة والأنقاض في كل زاوية، وكأن الحرب لم تنتهِ بعد”.
الكهرباء… أزمة مستمرة
أزمة الكهرباء تعد أبرز التحديات التي تواجه السكان، مع تراجع عدد المحولات من حوالي 170 إلى أقل من 10، ما أجبر المحال التجارية على تقنين ساعات العمل. ويشير الأهالي إلى أن إدارة كهرباء ريف دمشق تشترط دفع الفواتير السابقة قبل النظر في تحسين الخدمة، وهو ما يضاعف العبء على السكان في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
الصرف الصحي والبنية التحتية
في قطاع الصرف الصحي، تنفذ المجالس المحلية مشاريع محدودة مثل “درهم وقاية” لصيانة الشبكات، لكن ضعف التمويل الخارجي وبطء المشاريع يعوقان تغطية الاحتياجات الحيوية. كما تعمل البلدية على إزالة الأنقاض وتخطيط البنية التحتية بشكل متقطع وبجهود محلية فقط، بينما لا تزال معدات مهمة مثل آلة القاضمة غير متوفرة رغم المطالب الرسمية المتكررة لتشغيلها.
جهود محلية لتعويض النقص
وسط غياب الدعم الرسمي الكامل، شكلت بعض الأحياء مثل العجمي والحدائق والجسرين لجاناً شعبية تطوعية تعنى بالكهرباء والنظافة وتشجير الشوارع وتأمين الحراسة الليلية، لكن الأهالي يشيرون إلى أن هذه الجهود لا تعوض النقص الهيكلي.
إحسان بكيرة، رئيس المجلس المحلي لمدينة حرستا، أكد أن المجلس يعمل على معالجة بعض الثغرات في المياه والكهرباء ضمن الإمكانات المتاحة. وأوضح أن هناك جهوداً لتجهيز خمسة آبار متوقفة بمضخات غاطسة ومنظومات طاقة شمسية، وصيانة الشبكات واستبدال الخطوط المتضررة، وتجهيز خزان الثانوية وخزان الجبل، إضافة إلى تأهيل أربعة آبار جديدة في منطقة الجبل وتحسين شبكة المياه في أحياء العجمي وغرب الأوتوستراد وأرض بسطرة والمزرعة.
أما الكهرباء، فالمجلس يشير إلى حاجة المدينة الماسة إلى 20 محولة كهربائية في مناطق متفرقة مثل كرم الطلعة، العجمي، سطرة، غرب الأوتوستراد، قرب الأفران والبلدية ومؤسسة المياه، وصولاً إلى محيط جامع غبور. ويضيف بكيرة أن تجهيز الشبكات يحتاج أيضاً معدات أساسية كرافعة لعمال الطوارئ ودراجات نارية أو كهربائية لمتابعة الأعطال بسرعة.
القطاع الصحي… استثناء نسبي
يقدم مستشفى حرستا الوطني خدمات طبية مجانية لحوالي 5 آلاف مريض شهرياً، تشمل تخصصات متعددة مثل الجراحة والعيون والقلب والكلى، بينما زودت منظمة “غوث” المستشفى بمستلزمات لزيادة الطاقة الاستيعابية إلى 10 آلاف مريض شهرياً، بما في ذلك دعم للولادات وجلسات غسيل الكلى.
التحديات والاحتياجات
من أبرز التحديات استمرار ضعف البنية التحتية، نقص المحولات الكهربائية، ضعف التمويل لمشاريع الصرف الصحي، بطء إزالة الأنقاض، والحاجة المستمرة لدعم القطاع الصحي. ويؤكد السكان أن استمرار غياب التدخل الرسمي يعرض المدينة لفقدان الخدمات الأساسية، رغم جهودهم المحلية المستمرة.
حرستا اليوم مدينة تحاول التعافي بين الركام والوعود المؤجلة. وبينما يسعى المجلس المحلي والأهالي إلى تعويض النقص، تظل الحاجة إلى دعم رسمي ودولي عاجل لضمان استمرارية الكهرباء والمياه والخدمات الصحية والبنية التحتية، أمراً ضرورياً لإعادة المدينة إلى الحياة الطبيعية.