الرقة: تقنين مياه الري يهدد المحاصيل ويثير استياء المزارعين

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

في ظل تراجع الموارد المائية وانخفاض منسوب بحيرة الفرات بأكثر من ستة أمتار هذا العام، فرضت إدارة الري التابعة للجنة الزراعة في الرقة نظامًا جديدًا لتقنين مياه الري، بهدف توزيع المياه بشكل عادل بين المزارعين. غير أن هذا القرار، رغم ما يحمله من مبررات رسمية، أثار موجة غضب واسعة بين الفلاحين الذين اعتبروه مجحفًا ويهدد موسمهم الزراعي بالصميم.

فالمحاصيل الصيفية، وعلى رأسها الذرة الصفراء، تمر حاليًا بمرحلة حساسة تتطلب ريًا متكررًا لضمان نضج الثمار. إلا أن فترات الري المحدودة التي أقرها النظام الجديد وضعت الفلاحين أمام خطر حقيقي بفقدان جهود موسم كامل.

ويقول المزارع محمد العكلة من قرية خنيز في تصريح لـ سوريا 24: “هذا التقنين يهدد معظم مزروعاتنا الصيفية، فالذرة تحتاج إلى ري متواصل في هذه المرحلة، لكننا مجبرون على الانتظار لفترات طويلة دون ماء، وهذا قد يكلفنا خسارة المحصول بأكمله.”

أما المزارع فاضل العلي من قرية العبارة فأشار إلى انعكاسات اجتماعية خطيرة: “قلة المياه وأيام الري القليلة أدت إلى نشوب نزاعات بين المزارعين حول أولوية الري، فكل فلاح يخشى تلف محصوله في ظل عدم كفاية الحصص المقررة للجميع.”

من جهته، عبّر المزارع أحمد المحمد من قرية الجلاء عن استيائه الشديد، واصفًا القرار بأنه “مجحف ومتعمد لإتلاف المحاصيل”. وأضاف: “كان الأجدر أن يتم إبلاغنا منذ بداية الموسم بندرة المياه، لا بعد أن استثمرنا كل ما نملك حتى وصلت المزروعات إلى مرحلة الإثمار.”

في المقابل، أوضح مصدر في إدارة الري أن الهدف من النظام ليس إلحاق الضرر بالمزارعين، وإنما مواجهة النقص الحاد في المياه بفعل التغيرات المناخية وتراجع الواردات المائية. وحذر المصدر من أن استمرار الوضع الراهن قد يؤدي إلى خروج سد الفرات عن الخدمة بالكامل.

ورغم هذه التبريرات، يؤكد مزارعون ورؤساء جمعيات فلاحية أن النظام الحالي لا يراعي الاحتياجات الفعلية للمحاصيل ولا يتوافق مع مراحل نموها الحرجة. وقد شدد رئيس الجمعية الفلاحية في قرية الجدية على ضرورة تعديل القرار سريعًا: “إذا استمر هذا النظام دون تغيير، فإن خسائر الفلاحين ستكون كبيرة ولا تحتمل، خاصة بعد التكاليف الباهظة التي تكبدوها منذ بداية الموسم.”

وبين شد وجذب، تبقى قضية مياه الري في الرقة مسألة حيوية ترتبط مباشرة بالأمن الغذائي واستقرار الإنتاج الزراعي. ومن هنا، تبرز الحاجة الماسة إلى إيجاد حلول عملية أكثر مرونة، توازن بين محدودية الموارد وضرورات الحفاظ على المحاصيل وضمان رزق آلاف العائلات المعتمدة على الزراعة.

مقالات ذات صلة