أطلق الدكتور مروان صالح بيري، أخصائي أمراض المفاصل والروماتيزم المقيم في بريطانيا منذ عام 2013، مبادرة تطوعية في مدينة القامشلي تهدف إلى تقديم الاستشارات الطبية والعلاج المجاني لذوي الدخل المحدود. هذه الخطوة تعكس التزامًا أخلاقيًا ووطنيًا يعيد إلى الأذهان أهمية عودة الكفاءات العلمية من المهجر لخدمة المجتمعات المحلية.
دوافع المبادرة
يرى الدكتور بيري، المولود عام 1965، أن مهنته الإنسانية كانت الدافع الأساسي وراء إطلاق هذه المبادرة، مؤكدًا أن بيته وعيادته وأهله في القامشلي شكّلوا الحافز الأول لعودته بخبرة امتدت عبر سنوات عمله في بريطانيا، حيث كان جزءًا من فرق العمل التطوعي في المستشفيات العامة.
ويضيف: “شعرت أن بلدي وبلدتي بحاجة ماسة إلى جهدي التطوعي، ولم أواجه أي تحديات تذكر، بل كان الاستقبال حافلًا بالترحيب من مختلف أطياف المجتمع.”
الواقع الصحي في القامشلي
بحسب الدكتور بيري، يعاني القطاع الصحي في القامشلي والمحافظة عمومًا من تراجع كبير، حيث تغيب المستشفيات الحكومية القادرة على تقديم الرعاية الكافية. ويشير إلى أن مرضى الروماتيزم على وجه الخصوص بحاجة إلى متابعة دورية وفحوص مخبرية متقدمة، بعضها مكلف وغير متوافر حتى في المخابر الخاصة.
ويؤكد: “الوضع الصحي الحالي لا يلبي الحد الأدنى من احتياجات المرضى، خصوصًا كبار السن الذين يحتاجون إلى عمليات تبديل المفاصل أو وسائل مساعدة كالعكازات وكراسي التنقل، وهي احتياجات لا يكفي التعاطف لسدها بل تتطلب دعمًا ماديًا مباشرًا.”
رسالة إلى الأطباء والجيل الجديد
الدكتور بيري وجه رسالة واضحة إلى زملائه في المهنة وإلى الجيل الجديد من الأطباء، داعيًا إياهم إلى ممارسة الطب بروح إنسانية خالصة، وتقديم مصلحة المريض على أي اعتبارات مادية أو شخصية. وأضاف: “وقت الشدة هو الوقت الذي يحتاج فيه الناس إلى أطبائهم، أما وقت الرخاء فلا يكونون في حاجة ماسة إلينا.”
طموحات مستقبلية
لا يقف حلم الدكتور بيري عند حدود العيادة التطوعية، بل يسعى إلى تطوير المبادرة لتصبح مستوصفًا متكاملًا يضم كافة الكوادر الطبية، مجهزًا بأحدث وسائل التشخيص من أجهزة أشعة ومختبرات تحليلية، إضافة إلى صيدلية قادرة على تغطية احتياجات المرضى من الأدوية. ويرى أن دعم رجال الأعمال والخيرين في المنطقة سيكون عاملًا حاسمًا في تحويل هذه المبادرة إلى مؤسسة وطنية تغطي متطلبات المجتمع، وصولًا إلى إنشاء مستشفى متكامل في المستقبل.
أمل متجدد
يعبر الدكتور بيري عن ارتياحه النفسي الكبير لمردود هذه المبادرة، إذ يلمس بشكل يومي أثرها المباشر على حياة المرضى، ويشعر بازدياد علاقته بالمجتمع المحلي عمقًا ومتانة. ويختم بالقول: “أتمنى أن يحذو زملائي حذوي، وأن يسهم كل من موقعه بما يستطيع تقديمه لخدمة الناس في هذه الظروف الصعبة.”