شهد دير مار موسى الحبشي في منطقة النبك بريف دمشق، أمس، جلسة حوارية نظمتها مؤسسة “حقي” بالتعاون مع المجلس العربي، وبمشاركة عدد من الشخصيات الاجتماعية والفكرية السورية من خلفيات دينية وثقافية متعددة.
وجاء اختيار الدير لما يحمله من رمزية تاريخية وحضارية في الذاكرة السورية، لاسيما أنه كان مقرًّا لمشاريع حوار الأديان والسلام التي أسسها الأب باولو، المغيّب قسرًا منذ سنوات بسبب دعمه للثورة السورية.
حضر الجلسة ما بين 25 و30 شخصية من مختلف المكونات السورية، ركزوا في نقاشاتهم على العدالة الانتقالية كمدخل رئيسي لبناء السلم الأهلي. وتوزعت المداخلات على محاور عدة أبرزها: ضرورة الاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبت خلال سنوات الحرب، والعمل على آليات محاسبة تضمن إنصاف الضحايا، وتأسيس قواعد قانونية تفتح الطريق أمام مصالحة وطنية قائمة على العدالة لا على التجاهل أو الانتقائية.
في تصريح خاص لمنصة سوريا 24، قالت الباحثة القانونية في المجلس العربي بمؤسسة حقي، نور عويس: “الفكرة الأساسية التي انطلقت منها الجلسة هي أن بناء السلام لا يمكن أن يتحقق إلا عبر توحيد الرؤية بين مكونات المجتمع السوري المختلفة، مسلمين ومسيحيين وطوائف أخرى. العدالة الانتقالية يجب أن تكون عملية سورية بامتياز، تنبع من الداخل وليس من الخارج، لضمان مصداقيتها وقبولها المجتمعي”.
وأضافت عويس أن المجتمع السوري بحاجة إلى “حوامل اجتماعية متينة تدعم مسار العدالة الانتقالية، بحيث لا تكون مجرد شعارات، بل خطوات عملية تعالج الجروح العميقة التي خلّفتها الحرب”.
من جهتهم، شدد مشاركون في الجلسة على أن العدالة الانتقالية تمثل مخاضًا وطنيًا وقانونيًا، يتيح الانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلم، ومن نظام استبدادي إلى نظام قائم على المحاسبة، مشيرين إلى أن أي عدالة لا تقوم على الوضوح والإنصاف قد تتحول إلى عدالة مجتزأة تفتح الباب أمام صراعات جديدة.
واختتمت الجلسة بتوصيات أولية ركزت على أهمية التوسع في مثل هذه اللقاءات الحوارية، بما يسهم في خلق أرضية مشتركة بين السوريين، ويعيد الاعتبار لقيم السلام والعيش المشترك التي مثّلها الأب باولو في مشروعه التاريخي بدير مار موسى.