محادثات سورية–إسرائيلية برعاية أميركية في لندن والشيباني إلى واشنطن

Facebook
WhatsApp
Telegram

متابعة - سوريا 24

شهدت العاصمة البريطانية لندن أمس الاربعاء جولة جديدة من المحادثات بين سوريا وإسرائيل، هي الثالثة من نوعها منذ بدء المسار الحالي، شارك فيها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس براك. اللقاء، الذي استمر خمس ساعات، عكس بحسب أكسيوس ووسائل إعلام إسرائيلية “تقدّمًا ملحوظًا”، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة التوصل إلى اتفاق نهائي. وجاء الاجتماع في ظل تصعيد عسكري إسرائيلي في الجنوب السوري خلال الأسابيع الماضية، ما أضفى مزيدًا من التعقيد على المشهد.

ونقلت وكالة “فرانس برس”، عن مصدر في وزارة الخارجية السورية بأن سوريا و”إسرائيل” بصدد إبرام اتفاقيات أمنية بحلول نهاية عام 2025، مشيرًا إلى أن هذه الاتفاقيات ستركز بشكل أساسي على الجوانب الأمنية والعسكرية بين الجانبين.

وبحسب ما نقلته الجزيرة عن مصدر حكومي سوري، ركّزت دمشق في لقاء لندن على التمسك باتفاق فك الاشتباك لعام 1974، وطرحت مقترحًا ينص على انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها بعد الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وإعادة نشر قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في المنطقة العازلة، مع التشديد على أن وحدة الأراضي السورية “غير قابلة للتجزئة أو المساومة”.

في المقابل، كشفت صحيفة أكسيوس الأميركية أن إسرائيل قدّمت لسوريا قبل أسابيع مقترحًا تفصيليًا لاتفاق أمني جديد. يقوم المقترح على نموذج اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية عام 1979 التي قسّمت سيناء إلى ثلاث مناطق أمنية متفاوتة في مستوى التسلّح. وبموجب العرض الإسرائيلي، تُقسم المنطقة الممتدة من جنوب غرب دمشق وصولًا إلى الحدود مع إسرائيل إلى ثلاث مناطق أمنية، حيث يُسمح بوجود قوات وأسلحة سورية متفاوتة تبعًا لكل منطقة. كما يشمل المقترح إعلان المنطقة الممتدة حتى الحدود “منطقة حظر جوي كامل”، وتوسيع المنطقة العازلة بمقدار كيلومترين إضافيين داخل الأراضي السورية، مع السماح فقط بوجود الشرطة وأجهزة الأمن الداخلي قرب الحدود.

وتعِد إسرائيل، مقابل هذه القيود، بانسحاب تدريجي من المناطق السورية التي احتلتها مؤخرًا، مع تمسكها بالبقاء في موقع استراتيجي على قمة جبل الشيخ. ونقل أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن الحفاظ على “ممر جوي نحو إيران عبر سوريا” يمثل عنصرًا أساسيًا في المقترح، بما يتيح لإسرائيل تنفيذ ضربات محتملة على أهداف داخل إيران مستقبلًا.

الرئيس السوري أحمد الشرع علّق على هذه التطورات في مقابلة مع رويترز قائلًا إن “الاتفاق مع إسرائيل ضرورة”، لكنه شدد على أن أي تفاهم يجب أن يحترم المجال الجوي السوري ووحدة أراضي البلاد. وأوضح أن المحادثات الأمنية “قد تؤدي إلى نتائج في الأيام المقبلة”، مشيرًا إلى أن نجاح الاتفاق الأمني قد يفتح الباب أمام تفاهمات أخرى لاحقًا، إلا أن “السلام والتطبيع ليسا مطروحين الآن”، مضيفًا أن واشنطن لا تمارس ضغوطًا على دمشق في هذا الاتجاه.

على الصعيد الأميركي، يستعد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لزيارة واشنطن اليوم الخميس، في خطوة وصفتها أكسيوس بأنها “تاريخية”، كونها أول زيارة لوزير خارجية سوري إلى العاصمة الأميركية منذ أكثر من 25 عامًا. وتأتي الزيارة في إطار مساعٍ سورية لرفع العقوبات، ولا سيما عقوبات “قيصر”، بشكل دائم. ووفق أكسيوس، سيلتقي الشيباني خلال الزيارة عددًا من المشرعين الأميركيين، ويعقد اجتماعًا مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يوم الجمعة.

السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام صرّح بدوره أن الكونغرس مستعد لمناقشة رفع العقوبات عن دمشق في حال أقدمت على “خطوات جدية” نحو إبرام اتفاق أمني مع إسرائيل وانضمامها إلى تحالف دولي ضد تنظيم داعش. وقال غراهام إنه سيدعم “إلغاء العقوبات إذا تحركت سوريا رسميًا في هذا الاتجاه”، فيما لم تعلّق وزارة الخارجية الأميركية حتى الآن على زيارة الشيباني.

وفي موازاة هذه التحركات، يستعد الرئيس السوري أحمد الشرع لزيارة نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث سيلقي كلمة سوريا يوم 24 سبتمبر/أيلول الجاري. ووفق تقارير إعلامية، فإن الإجراءات اللوجستية المتعلقة بالزيارة اكتملت في واشنطن ومجلس الأمن الدولي، ما يجعلها أول مشاركة رئاسية سورية في الجمعية العامة منذ كلمة الرئيس الراحل نور الدين الأتاسي عام 1967، إلا إذا طرأ طارئ في اللحظات الأخيرة.

بهذا، تبدو المحادثات السورية–الإسرائيلية مرشحة لمزيد من الزخم السياسي والدبلوماسي خلال الأسابيع المقبلة، في ظل تقاطع مسارات ثلاثة: الضغوط الإسرائيلية الأمنية، الانفتاح الأميركي عبر ملف العقوبات، والتحرك السوري على الساحة الدولية عبر الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة