خريجو معهد مكة بين الاعتراف والإنكار: شهادات سوريا مقبولة.. وتركيا معلّقة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تواجه خريجات الدفعة الأولى من معهد مكة للعلوم الشرعية في تركيا صعوبة كبيرة في الحصول على اعتراف رسمي بشهاداتهن من وزارة التربية السورية، رغم دراسة مكثفة امتدت لأربع سنوات والتزام كامل بالمحاضرات والامتحانات، بحسب ما افادت به الطالبة فاطمة لمنصة سوريا 24.

في حين استغربت الطالبة وصال المحمد إحدى الخريجات قائلة في تصريح لسوريا 24: “الدراسة لدينا كانت دقيقة ومكثفة، لكن رغم ذلك لم تعترف الدولة بشهادتنا. الأمر الغريب أن الطلاب الذين درسوا في سوريا تم الاعتراف بشهاداتهم وتوظيفهم، بينما نحن لم نحصل على نفس الاعتراف. نرجو المساعدة لإيجاد حل والحصول على اعتراف بشهادتنا.”

المعهد ومنهجه الأكاديمي

تأسس معهد مكة في تركيا عام 2016–2017، وافتتح في العام التالي فرعين في سوريا، في أطمة وحماة، ثم توسع لاحقًا ليصل إلى ستة فروع في سوريا وستة فروع في تركيا. من البداية، وأعلنت إدارة المعهد التزامها بتحقيق أعلى المعايير الأكاديمية، لضمان جودة التعليم وتحضير الأرضية الصلبة لأي اعتراف لاحق من الحكومة أو الجامعات.

وقد صرح الدكتور محمد حوى ، عميد المعهد، في حديث مع سوريا 24 بأن المناهج وضعت من قبل أفضل الدكاترة الذين درسوا في جامعات سورية وتركية، ووضعت معايير تقييم وامتحانات تضاهي ما هو معمول به في أرقى الجامعات. كما كانت إدارة المعهد تراقب الدوام الحضوري للطلاب بدقة شديدة، وفرضت عقوبات صارمة على التغيب، تصل في بعض الحالات إلى فصل الطالب. وأضاف الدكتور حوى: “كانت النتائج باهرة، ويشهد على ذلك نخبة المدرسين في الجامعات السورية والتركية، والمستوى العلمي لخريجينا المنتشرين في سوريا وتركيا وفي كل المجالات التي عملوا بها.”

الاعتراف الأكاديمي في تركيا وسوريا

في تركيا، لم يكن هناك اعتراف حكومي بالمعاهد الشرعية، رغم أن بعض الجامعات أبدت استعدادًا للتعاون والاعتراف بالشهادات، إلا أن ذلك كان مكلفًا جدًا للطلاب، وكأنهم سيدرسون من جديد في جامعة أخرى.

أما في سوريا، بدأت إدارة المعهد محاولاتها مع الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني السوري، حيث طُلب في البداية التوجه إلى هيئة الأوقاف، ثم وافقت الحكومة المؤقتة على إدخال المعهد تحت معهد حلب لإعداد المعلمين – شعبة العلوم الشرعية، ليصبح المعهد قادرًا على رعاية أسماء الطلاب باسم المعهد. وبعدها حصل معهد مكة المكرمة على ترخيص كمعهد متوسط لإعداد المعلمين لدى الحكومة المؤقتة.

ومع توقف الحكومة المؤقتة بعد سقوط نظام الأسد، أُحيلت جميع المؤسسات التابعة لها إلى وزارة التربية السورية، بما فيها المعاهد المتوسطة، لكن الوزارة لم تعلن بعد عن أنظمة الترخيص لشعبة العلوم الشرعية، ولم توضح مصير طلاب بعد توقف الاعتراف، رغم أن إدارة المعهد زودت الوزارة بكل المعلومات المطلوبة عن الطلاب والفروع.

وأكد الدكتور حوى أن وزارة الأوقاف أفادت شفهياً باعترافها بشهادات المعهد وإمكانية ترخيصه، إلا أن إدارة المعهد فضلت البقاء تحت وزارة التربية لضمان قبول الخريجين في المدارس الحكومية عبر المفاضلة، كما كان الحال مع الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ سابقًا.

التناقض بين الفروع السورية والتركية

تكشف القضية عن مفارقة واضحة: فشهادات خريجي فرع إعزاز داخل سوريا جرى اعتمادها رسميًا والتوظيف بها، بينما يواجه خريجو الفروع التركية الرفض رغم أنهم درسوا المناهج نفسها وعلى أيدي نفس الأساتذة. هذا التباين يثير تساؤلات حول معايير الاعتراف، وهل يخضع الأمر لاعتبارات إدارية بحتة أم لسياسات متغيرة لا علاقة لها بجودة التعليم؟

وذكرت الطالبة وصال المحمد على لسان موظفة في مديرية التربية بحلب خلال زيارتها لتقديم طلب توظيف أن “شهادات فرع اعزاز معترف بها لأنها مصدقة من وزارة التعليم العالي السورية، بينما الشهادات التركية تحتاج إلى ختم رسمي ومصدق من الفرع في تركيا ليتم الاعتراف بها”.

الواقع والتحديات

رغم الجهد الأكاديمي المبذول، يجد الخريجون أنفسهم بلا فرص عمل واضحة، عالقين بين اعتراف ممنوح لفروع داخل سوريا وإنكار يلاحق فروع تركيا. هذا الوضع لا يهدد مستقبل دفعة واحدة فحسب، بل يفتح باب قلق أوسع حول مصير مئات الطلاب الذين التحقوا بالمعهد على أمل أن يكون لشهاداتهم وزن حقيقي في سوق العمل.

المستقبل المجهول لخريجي تركيا

تبقى قضية الاعتراف الأكاديمي لشهادات معهد مكة في تركيا مفتوحة، في انتظار موقف واضح من وزارة التربية، فيما يطالب الطلاب والمختصون بإيجاد حلول عادلة، تكفل حقوق الخريجين وتعكس الجهود العلمية الكبيرة التي بذلوها خلال سنوات دراستهم.

منصة سوريا 24 ستواصل متابعة هذا الملف عن كثب، لمطالبة الجهات الرسمية بتوضيح موقفها حول الاعتراف بالشهادات التركية ومعالجة التفاوت بين الخريجين، بما يضمن حقوق الطلاب ويحفظ استثمارهم العلمي.

مقالات ذات صلة