أفاد مراسل منصة سوريا ٢٤ في محافظة حماة، بأن عشرات العائلات في ريف المحافظة الغربي، خاصة ذات الدخل المحدود، تعتمد على قطاف نبات الغار كمصدر رزق أساسي ووحيد في ظل غياب بدائل العمل الأخرى.
ومع دخول موسم الصيف، تتحول بساتين وأحراش منطقة الغاب في ريف حماة الغربي إلى ورشة عمل مكثفة، حيث يخوض العشرات من الأهالي معركة يومية مع الزمن والطبيعة، هي معركة قطف أوراق الغار العطرية، التي تحوّلت من مجرد نبات بري إلى شريان حياة أساسي لمئات العائلات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وانهيار فرص العمل التقليدية.
مصدر رزق في ظل الفراغ
في مشهد يتكرر يومياً مع شروق الشمس، يتجه ربابنة الأسر والعاملون نحو المناطق الجبلية الوعرة، حاملين معهم الأمل بما يجنيه يومهم من أوراق الغار. لم يعد هذا المحصول مجرد نبات عطري، بل تحول إلى “ذهب أخضر” يشكل عماد الاقتصاد المعيشي للكثيرين، لاسيما الأسر ذات الدخل المحدود التي وجدت فيه ملاذاً أخيراً.
وفي هذا الصدد، يقول المزارع سلام سلوم من ريف حماة الغربي في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “في ظل غياب فرص العمل الأخرى، نعتمد على قطاف الغار كمصدر دخل رئيسي لتأمين احتياجاتنا اليومية الأساسية”.
ويضيف سلوم موضحاً طبيعة العمل ومردوده: “لا يوجد عملٌ سوى قطف الغار. نخرجُ من الصباح لنقطفه، ونبقى طوال اليوم، ثم نعود لنبيعه بسعر عشرة آلاف وخمسمئة ليرة للكيلوغرام، وكل يومين نستطيع بيعَ حوالي خمسة عشر كيلوغرامًا”، ما يسلط الضوء على حجم الجهد اليومي مقابل عائد مالي هزيل يصبح معه العمل “ضرورة فرضتها الواقع الصعب”، كما يصفه سلوم.
رحلة وعرة من القطاف إلى التسويق
لا تقتصر معاناة العاملين في هذا القطاع على صعوبة تأمين الدخل فحسب، بل تمتد إلى التحديات العملية والبيئية التي تواجههم. فرحلة الحصول على الغار محفوفة بالمخاطر، بدءاً من صعوبة الوصول إلى مواقع نموه في الجبال، ومروراً بأخطار الطبيعة والتنقل، ووصولاً إلى عملية القطاف ذاتها التي تتطلب جهداً جسدياً كبيراً.
ويشرح المزارع علي وسوف هذه التحديات بالقول: “الغار هو مصدر رزقنا الوحيد حالياً، رغم أنه ممنوع قطافه للحفاظ على البيئة، خاصة وأننا نواجه صعوبات كثيرة في قطافه، حيث نضطر للذهاب لمسافات بعيدة في الجبال، بالإضافة للمخاطر التي نتعرض لها”.
كما تلعب العوامل الجوية دوراً حاسماً في جودة المحصول وقيمته التسويقية، حيث يشير وسوف إلى أن “الطقس أحياناً لا يساعد، خاصة عندما يكون الجو رطوبياً مما يطيل فترة جفاف الغار، وهذا يؤثر سلباً على عملية بيعه”. هذه العوامل مجتمعة تجعل من دورة الإنتاج رهاناً غير مضمون النتائج.
ويختم علي وسوف بالقول: “هذه الصعوبات تواجه الكثير من العوائل التي تعتمد على هذا المصدر منذ زمن بعيد”، مؤكداً أن هذه المهنة ليست وليدة اليوم بل هي إرث معيشي تحوّل مع الأزمة إلى قيد ثقيل.
خلفية اقتصادية وبيئية معقدة
تُظهر الاعتماد شبه الكلي على هذا القطاع حجم التراجع الذي أصاب القطاعات الاقتصادية الأخرى في المنطقة، من زراعة تقليدية وصناعات متوسطة وصغيرة. كما تثير قضية “منع قطاف الغار” للحفاظ على البيئة إشكالية كبيرة، حيث يضطر السكان لاختراق هذا المنع تحت وطأة الحاجة، مما يضعهم بين مطرقة الفقر وسندان التدهور البيئي، دون وجود بدائل مستدامة تقدمها الجهات المعنية.