تشهد مدينة حمص واقعاً تعليمياً متردياً مع انطلاق العام الدراسي الجديد، حيث تفتقر مدارس المدينة إلى الحد الأدنى من مقومات التعليم، في ظل الدمار الكبير الذي أصابها خلال سنوات الحرب، والتأخر في تنفيذ خطط الترميم والصيانة.
أوضاع كارثية
نضال العكيدي، القائم على حملة ترميم المدارس، وهي مبادرة شعبية بالتعاون مع البلدية لكنها منفصلة عن عمل مديرية التربية، أوضح في حديث لمنصة سوريا 24، أن الأوضاع “كارثية”.
وأضاف: “مدارس مدينة حمص تعاني من أضرار كبيرة، والمدينة مدمرة مثل باقي المحافظات، وهناك تقصير من مديرية التربية، إذ بدأ الدوام المدرسي دون أي عمليات ترميم تُذكر”.
وأشار العكيدي إلى أن مدينة تلبيسة وحدها تضم 6 مدارس مدمرة بالكامل وخارجة عن الخدمة، مع نقص حاد في المقاعد الدراسية وغياب النوافذ داخل الصفوف.
ولفت إلى أن أعداد الطلاب في ازدياد مستمر، إذ بلغ العدد نحو 17,607 طلاب، الأمر الذي يضاعف من حجم الأزمة.
مرافق قديمة واكتظاظ داخل الصفوف
من جهته، أكد إحسان أتاسي، أحد سكان حمص، في حديث لمنصة سوريا 24، أن الاكتظاظ في المدارس وصل إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يضم بعض الصفوف نحو 50 طالباً، مثلما هو الحال في مدرسة ياسين فرجاني بحي الفيحاء (ساحة حج العاطف).
وأضاف أن مدارس أخرى في أحياء مثل الخالدية لا تزال خارج الخدمة تماماً نتيجة الدمار الكبير، ما يزيد الضغط على المدارس العاملة.
وذكر أتاسي أن المدارس الخاصة بدورها استغلت الأزمة، إذ ارتفعت أقساطها بشكل كبير لتصل في بعض المدارس إلى 2500 دولار سنوياً للصف الأول الابتدائي، وهو ما يضع التعليم بعيداً عن متناول شريحة واسعة من الأهالي.
وعن واقع الخدمات داخل المدارس، لفت إلى أن “بعض المدارس لا تزال تعتمد على مرافق قديمة جداً، في حين شهدت مدارس أخرى، مثل بعض مدارس حي القصور، تحسينات شملت أثاثاً جديداً وصيانة أفضل مقارنة بغيرها”.
كما أشار إلى أن “منظمة بنيان ضمن حملة (أربعاء حمص) تعمل حالياً على ترميم مدرسة في حي جوبر، لكن لا يُعرف ما إذا كان المشروع قد انتهى حتى الآن”.
مئات المدارس خارج الخدمة
تضررت البنية التعليمية في حمص بشكل واسع خلال سنوات الحرب، حيث خرجت مئات المدارس عن الخدمة، بحسب بيانات رسمية.
وتشير الأرقام الصادرة عن مجلس محافظة حمص، حسب بيان صدر عنه، إلى وجود نحو 317 مدرسة خارج الخدمة في المحافظة، بينها 21 مدرسة مدمرة بالكامل، وما يقارب 31 مدرسة متضررة بنسبة تفوق 50%.
ورغم جهود الترميم والتأهيل التي تبذلها المحافظة بالتعاون مع جهات حكومية ومنظمات محلية ودولية، إلا أن الفجوة ما تزال كبيرة، إذ يصطدم الواقع التعليمي بزيادة أعداد الطلاب مقابل محدودية الطاقة الاستيعابية للمدارس الصالحة للعمل.
وبينما يستمر الأهالي في المطالبة بحلول عاجلة، تبدو الأزمة مرشحة للتفاقم ما لم تُرصد موازنات أكبر ويُسرع العمل على إعادة المدارس إلى الخدمة، لتأمين حق الطلاب في التعليم في بيئة آمنة وسليمة.