يشهد ريف حمص الشمالي، ولا سيما بلدة تلبيسة، تدهوراً متواصلاً في الواقع الخدمي، ما أثار استياءً واسعاً بين السكان الذين يشكون من إهمال متكرر من قبل الجهات المعنية، في وقت تُركت فيه المبادرات المحلية لتغطية الفجوة بين الاحتياجات المتزايدة والدعم الرسمي المتعثّر.
أوضاع متردية وغياب التدخل الرسمي
يؤكد محمود أبو سليمان، أحد سكان ريف حمص الشمالي في حديث لمنصة سوريا 24، أن هناك “تهميشاً خدمياً واضحاً للمناطق الريفية مقارنة بالمدينة”، مشيراً إلى غياب أي تحرك جدّي من قبل المسؤولين الخدميين لتحسين الوضع في الريف، لا سيما في قطاع التعليم.
ويوضح أن بلدة تلبيسة وحدها تضم نحو ست مدارس مدمرة، دون أن يُلحظ أي جهد رسمي لإعادة تأهيلها أو حتى صيانتها، ما دفع الأهالي إلى التذمر من هذا الواقع المتردي.
ويضيف أبو سليمان أن “التحركات الخدمية تقتصر على مدينة حمص، بينما تُترك مناطق الريف لحالها”، متسائلاً عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التهميش، في ظل غياب شفافية حول معايير توزيع الدعم والمشاريع الخدمية.
أسباب متعددة: سوء الإدارة وغياب الدعم المركزي
من جهته، يرى إبراهيم ياسين، أحد سكان ريف حمص في حديث لمنصة سوريا 24، أن أسباب التهميش الخدمي “متعددة ومعقدة”، أبرزها “سوء الإدارة وقلة خبرة المسؤولين الجدد في إدارة شؤون محافظة بكاملها وتوزيع الموارد بشكل عادل”.
ويشير ياسين إلى أن “الوزارات المركزية في دمشق لا تستجيب لمطالب المحافظة”، ما يترك العبء كاملاً على عاتق البلديات والمجالس المحلية التي تفتقر إلى الصلاحيات والموارد الكافية.
ويصف الوضع بأنه “مؤسف جداً”، مضيفاً أن “التردي واضح على كافة المستويات الخدمية، من التعليم إلى البنية التحتية، مروراً بالنظافة والكهرباء والمياه”.
البلدية ترد: لا تهميش بل ضعف إمكانات
في المقابل، ينفي رئيس بلدية تلبيسة، ماجد الشعبان، وجود “تهميش مقصود”، موضحاً في حديث لمنصة سوريا 24، أن “الواقع يعكس ضعفاً في الإمكانات المادية واللوجستية، لا نية للإهمال”.
ويؤكد الشعبان أن “كل ما يُنفَّذ من أعمال خدمية في المنطقة هو نتيجة مبادرات مجتمع محلي ومدني”، وليس دعماً مؤسسياً من الدولة.
ويشير إلى أن المجلس البلدي عمل على “تأهيل عدد من المدارس”، لكنه يواجه “صعوبات جمة بسبب نقص التمويل”، ما يحول دون تنفيذ مشاريع خدمية بحجم الحاجة الفعلية.
ويشير الشعبان إلى أن “حتى ما يجري داخل مدينة حمص لا يخلو من الاعتماد على المبادرات المجتمعية”، مؤكداً أن “النهوض بالواقع الخدمي يحتاج إلى دعم مالي حقيقي”.
ويختم رئيس البلدية حديثه بتعبيره عن “أمله أن تخصص موازنة مالية كافية مع بداية السنة القادمة لدعم المشاريع الخدمية في ريف حمص الشمالي”، داعياً الأهالي إلى “التحلّي بالقليل من الصبر”، في انتظار تحسّن الظروف.
فجوة بين الواقع والوعود
ووسط كل ذلك، يعيش ريف حمص الشمالي حالة من الإحباط المتزايد، بين شكاوى المواطنين من الإهمال المتكرر، وتصريحات المسؤولين التي تحاول تبرير الواقع بالافتقار إلى الموارد.
وبين هذين الطرفين، تبقى الخدمات الأساسية رهينة لمبادرات محلية لا تكفي لسدّ الفجوة، في ظل غياب رؤية استراتيجية أو دعم مركزي فعّال.