مع بداية العام الدراسي الجديد، يجد آلاف الطلاب في دير الزور أنفسهم أمام تحديات يومية تهدد حقهم في التعليم، في ظل أوضاع متردية طالت معظم المدارس في المدينة وريفها. ورغم أن الصعوبات تشمل مختلف المناطق، فإن المشكلة تتجلى بشكل أكبر في ريف دير الزور الواقع ضمن مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، حيث يتفاقم الاكتظاظ داخل الصفوف ويتضاعف النقص في الكوادر والتجهيزات، مما يجعل المدرسة تتحول من بيئة تعلم آمنة إلى عبء إضافي على الأطفال وأسرهم.
يقول أحمد الصالح، طالب في المرحلة الإعدادية: “في صفنا أكثر من 70 طالبًا، بعضنا يجلس على الأرض، وآخرون يتناوبون على الكراسي، لا نسمع المعلم جيدًا، والدروس تمرّ بسرعة بسبب الفوضى”.
هذا المشهد يتكرر في معظم مدارس دير الزور، حيث يؤكد أولياء الأمور أن غياب التخطيط والتجهيز جعل استيعاب الأعداد الكبيرة أمرًا شبه مستحيل.
سمية الخلف، معلمة لغة عربية، توضح أن جزءًا كبيرًا من المدارس لم يُرمم منذ سنوات: “الكثير من الغرف الصفية مهدمة أو بلا نوافذ، والمقاعد مكسورة، والطلاب يتكدسون في القاعات المتبقية. إضافة إلى ذلك، أعداد المدرسين غير كافية، ما يضطرنا لإعطاء دروس لعدة شعب دفعة واحدة”.
وتضيف أن غياب المواد التعليمية الحديثة والمستلزمات الأساسية مثل الكتب والدفاتر يزيد من صعوبة العملية التعليمية.
من جهته، يصف مروان العلي، وهو والد ثلاثة طلاب، المشهد بأنه مأساوي: “أرسل أولادي إلى المدرسة وأنا أعلم أنهم لن يتعلموا كما يجب. الصفوف مزدحمة، والمعلمون مرهقون، ولا توجد رقابة حقيقية أو خطط لإصلاح الوضع. أشعر أن مستقبل أولادي يضيع يومًا بعد يوم”.
إلى جانب الاكتظاظ، تواجه المنطقة أزمة إضافية نتيجة تحويل عدد من المدارس إلى مقرات إدارية وعسكرية من قبل قوات سوريا الديمقراطية قبل سنوات، وما زالت تتمركز فيها حتى اليوم، وهو ما قلّص عدد المباني المتاحة أمام الطلاب. كما أن عددًا من المدارس المدمرة لا يزال خارج الخدمة رغم مطالبات الأهالي والمنظمات المحلية بإعادة تأهيلها.
يرى ناشطون أن أزمة التعليم في دير الزور ليست وليدة اللحظة، بل هي تراكم لسنوات من الإهمال ونقص التمويل وغياب الرقابة الفعلية. وبينما تبذل بعض المبادرات المحلية جهودًا متواضعة لتأهيل المدارس، تبقى الحاجة ملحّة إلى تدخل أوسع من الجهات المعنية والمنظمات الدولية لضمان بيئة تعليمية لائقة للأطفال.
في ظل هذا الواقع، يواصل طلاب دير الزور رحلتهم التعليمية وسط ظروف قاسية لا تليق بحق أساسي كالتعليم. وبين أمل الأهالي بتحسن قريب وواقع يعكس عجزًا مستمرًا، تبقى أزمة المدارس في المحافظة مرآةً للأوضاع العامة التي تعيشها المنطقة، وناقوس خطر يهدد مستقبل جيل كامل ما لم تُتخذ خطوات جدية وسريعة لمعالجة الوضع.