المشاريع اليدوية.. منازل تتحول إلى ورشات إنتاج ونساء يصنعن الفرق

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24 - منيرة بالوش

في ظل الضغوط الاقتصادية التي تعصف بالداخل السوري  وتدفع كثيراً من النساء للبحث عن مصادر دخل بديلة، تبرز قصص فردية ملهمة تُثبت أن الإصرار والموهبة يمكن أن يتحولا إلى مشروع ناجح. من بين هذه القصص تبرز تجربة الشابة صبا الشاغل من مدينة حلب، التي استطاعت أن تنسج بخيوط الكروشيه مستقبلاً أكثر استقراراً لعائلتها، وأن تفتح لنفسها باباً جديداً للحياة.

تقول صبا، التي أنهت دراستها الثانوية وأصبحت أماً لطفل: “كنت أبحث عن شيء أملأ به وقت فراغي وأستثمر شغفي، جربت الرسم والتطريز وحتى التريكو، لكنني لم أشعر أنني أتقنت أي منها. وبعد محاولات كثيرة، وجدت نفسي بالصدفة في عالم الكروشيه”.

بدأت رحلتها بإبرة كبيرة وخيوط بسيطة لم تساعدها على إتقان العمل في البداية، لكنها لم تستسلم، بل لجأت إلى دروس عبر “يوتيوب” من قنوات عربية وتركية ومكسيكية حتى صارت أكثر احترافاً، وبدأت تصنع قطعاً صغيرة للعائلة والأصدقاء. ومن هنا جاءت فكرة التوسع. تقول صبا: “قررت أن أشارك أعمالي على فيسبوك، وسرعان ما بدأت الطلبات تصل، خاصة لمنتجات الأطفال، وكنت أحرص أن تكون كل قطعة مصنوعة بجودة عالية وبما يناسب ذوق الزبون”.

من جانبها، تقول عبير العلي، وهي إحدى الأمهات اللواتي يفضلن اقتناء منتجات الصوف اليدوية: “أختار دائماً القطع المشغولة بالكروشيه لأنها مصممة خصيصاً لتلبي رغبة الزبون وتُنفذ وفق الطلب، فضلاً عن جودتها العالية التي تنافس ما هو موجود في السوق. بالنسبة لي، أشعر أن هذه القطع تحمل روحاً مختلفة لأنها مشغولة يدوياً بحب وصبر، وهذا ما يجعلني أفضلها لأطفالي ولمنزلي على المنتجات الجاهزة.”

لكن الطريق لم يكن سهلاً، فقد اصطدمت بعقبات كثيرة أبرزها صعوبة تأمين خيوط بألوان جميلة وجودة مناسبة بسبب الحصار الاقتصادي. ومع ذلك، لم تقف هذه التحديات عائقاً أمامها، بل دفعتها للبحث عن طرق جديدة للابتكار.

بعد فترة، أضافت صبا لمستها الخاصة عبر دمج الكروشيه بالخشب لصناعة صوانٍ مزخرفة، وهي فكرة تقول إنها من أوائل من طبقها في حلب وربما في سوريا، وقد لاقت رواجاً واسعاً وأسهمت في تعزيز اسمها في هذا المجال.

ورغم الخسارات المادية والتعب المستمر، تعتبر صبا أن دعم عائلتها وزوجها كان الحافز الأكبر لاستمرارها. واليوم لم يعد مشروعها مجرد وسيلة لملء الوقت، بل مصدر دخل جيد يساعدها على مواجهة متطلبات الحياة.

المشاريع اليدوية المنزلية.. تمكين اقتصادي للنساء

تجسد تجربة صبا مثالاً حيّاً على ما يمكن أن تحققه المشاريع الصغيرة المنزلية من أثر إيجابي على حياة النساء في سوريا. فهذه الأعمال اليدوية، من كروشيه وتطريز وصناعة إكسسوارات، لا تقتصر على كونها هواية أو وسيلة للتسلية، بل تتحول إلى مصدر دخل يعزز استقلاليتهن الاقتصادية ويدعم أسرهن في ظل الأوضاع المعيشية الخانقة.

ومع اقتراب فصل الشتاء، يزداد الإقبال على المنتجات الصوفية والأعمال اليدوية، ما يمنح صاحبات هذه المشاريع فرصة لتوسيع نشاطهن وزيادة دخلهن. وبحسب ناشطين اقتصاديين محليين، فإن هذه المشاريع الصغيرة تساهم في خلق فرص عمل بديلة، وتعزز ثقافة الاعتماد على الذات، وتمنح النساء دوراً أكبر في تطوير المجتمعات المحلية.

تختم صبا حديثها بابتسامة مليئة بالأمل: “كل قطعة أصنعها تصل للزبون محمّلة بالحب والشغف، وأتمنى أن تلهم قصتي نساء أخريات ليبدأن مشاريعهن الخاصة مهما كانت الظروف صعبة”.

مقالات ذات صلة